فلا يصحّ نيابة الصبي عندهم وإن كان مميِّزاً (١) ، وهو الأحوط ، لا لما قيل من عدم صحّة عباداته لكونها تمرينيّة ، لأنّ الأقوى كونها شرعيّة ، ولا لعدم الوثوق به
(١) أمّا النائب فقد اعتبروا فيه أُموراً وهي أوّلاً : البلوغ. ويقع الكلام تارة في غير المميِّز وأُخرى في المميِّز.
أمّا غير المميز فلا ريب في عدم صحّة نيابته لعدم تحقّق القصد منه في أفعاله وأعماله ، وحاله من هذه الجهة كالحيوانات.
وأمّا الصبي المميِّز فالمشهور عدم صحّة نيابته ، واستدلّوا بأمرين :
الأوّل : عدم صحّة عبادته وعدم مشروعيتها ، وبتعبير آخر : عباداته ليست عبادة في الحقيقة لتقع عن الغير وإنما هي تمرينية.
وفيه : ما ذكرناه غير مرّة من أن عبادة الصبي مشروعة ، ولا فرق بينها وبين عبادة البالغين إلّا بالوجوب وعدمه.
الثاني : عدم الوثوق بعمله لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه.
وفيه : أن بين الوثوق والبلوغ عموماً من وجه ، وغير البالغ كالبالغ في حصول الوثوق به وعدمه فالدليل أخصّ من المدعى ، فلا فرق بين البالغ وغيره من هذه الجهة ، ولذا لا ينبغي الرّيب في استحباب نيابة الصبي في الحج كما يستحب لغيره من البالغين ، نعم لو كانت النيابة بالإجارة فحينئذ تتوقّف على إذن الولي من باب توقّف معاملاته على إذنه وعدم استقلاله فيها.
ويظهر من المصنف قدسسره توقف صحّة حجّه على إذن الولي مطلقاً ، سواء كان عن إجارة أو تبرّع ، وليس الأمر كذلك ، لأنّ المتوقف على إذن الولي إنما هو معاملاته من العقود والإيقاعات لا عباداته وسائر أفعاله غير العقود والإيقاعات.
والصحيح أن يقال : إن نيابة الصبي في الحج الواجب بحيث توجب سقوط الواجب عن ذمّة المنوب عنه غير ثابتة ، وتحتاج إلى الدليل ولا دليل ، بل مقتضى القاعدة اشتغال ذمّة المنوب عنه بالواجب وعدم سقوطه عنه بفعل الصبي وإن كانت عباداته شرعيّة ، فإن عدم فراغ ذمّة المنوب عنه لا ينافي شرعية عبادات الصبي ، إذ لا ملازمة