ولكن يظهر من الصحيحتين أن فعل علي عليهالسلام أجنبي عن الإجمال في النيّة وعن الاكتفاء بقوله : أُحرم كإحرام فلان ، وذلك لأنّ الظاهر من قول أمير المؤمنين عليهالسلام : إهلالاً كإهلال النبي صلىاللهعليهوآله ، أني نويت الحج المشروع الواجب على المسلمين وهو حج الإفراد أو القرآن ، فمراده عليهالسلام والله العالم أني نويت الحج كحج النبيّ صلىاللهعليهوآله وسائر المسلمين ، ولم يكن حج التمتّع حينذاك مشروعاً ، وإنما شرّع بعد وصول رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى مكّة وبعد السعي قبل وصول أمير المؤمنين عليهالسلام إلى مكّة ، فما نواه أمير المؤمنين عليهالسلام إنما هو حج الإفراد فلا إجمال في نيّته أصلا.
نعم ، في صحيح معاوية بن عمّار وصحيحة الحلبي ما يظهر منهما المنافاة من جهة أُخرى ، ولا يمكن الجمع بينهما من هذه الجهة ، وهي أن مقتضى صحيح معاوية بن عمّار أن الهدي الذي جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآله أربع وستّون أو ستّ وستون وما جاء به أمير المؤمنين عليهالسلام أربع وثلاثون أو ستّ وثلاثون الترديد من الراوي وساق الهدي كالنبيّ صلىاللهعليهوآله فيشمله قوله صلىاللهعليهوآله : «ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محلّه» ، ويظهر من صحيح الحلبي أن أمير المؤمنين عليهالسلام لم يأت بالهدي ولم يسق هدياً وإنما رسول الله صلىاللهعليهوآله ساق مائة بدنة وأشركه في هديه وجعل له سبعاً وثلاثين ، فيكون حاله عليهالسلام كحال سائر المسلمين لقوله صلىاللهعليهوآله : «يأمرني أن آمر من لم يسق هدياً أن يحل» (١) ومع ذلك أمره بعدم الإحلال وأشركه في هديه وحجّه ، فلا بدّ من الالتزام بأن ذلك من مختصاته عليهالسلام ونحو ذلك من التأويلات.
ثمّ إنّ المصنف ذكر في آخر المسألة أنه قد يقال : يتمتّع في صورة الاشتباه وعدم انكشاف الحال إلى الآخر ، ولكن لا دليل عليه إلّا في مورد يصح له العدول إلى التمتّع كما فعله المسلمون بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفيما إذا لم يكن متعيّناً عليه
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٣١ ، أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٢٥.