هو العزم على ترك المحرمات ، بل لأنه لم يقصد الحج والإحرام الصحيح ، فإن كان المنوي منافياً للحج فالعزم عليه يلازم عدم القصد إلى الحج بخلاف سائر التروك فإن العزم عليها لا يلازم بطلان الحج.

وبتعبير آخر : أن بقيّة المحرمات محرمات تكليفية ، وأمّا الجماع والاستمناء فيجتمع فيهما الحكمان التكليفي وهو الحرمة والوضعي وهو البطلان ، ولعل ذلك يتفق لكثير من الحجاج ، فإنه حين الإحرام قد يعزم على بعض التروك كالاستظلال أو لبس المخيط ونحوهما ومع ذلك يحكم بصحّة إحرامه وحجّه.

ملاحظة وتعقيب :

سبق لنا أن ذكرنا (١) في فصل مقدّمات الإحرام استحباب إعادة الإحرام لمن أحرم من غير غسل ، وذكرنا أنه لا مانع من صحّة الإحرامين ، غاية الأمر الإحرام الأوّل واجب والثاني مندوب ، ولكنّنا بعد إعادة النظر في هذا الموضوع نقول بأنّ الإحرام الأوّل هو الواجب والثاني صوري لا حقيقي ، وذلك لأنا استفدنا كما تقدّم من النصوص أن الإحرام أمر بسيط مسبب عن التلبية والتلبية موجبة للإحرام وسبب له ، فلا يمكن الحكم بصحّة الإحرامين ، ولا يصح إطلاق الإعادة على الثاني لعدم إمكان الدخول في الحرمة الإلهيّة مرّتين ، فإن الدخول ثانياً متوقف على الخروج ومن كان داخلاً في شي‌ء لا يدخل فيه ثانياً ، فإذا كان محرماً وداخلاً في الحرمة فلا معنى لإحرامه ودخوله في الحرمة مرّة أُخرى ، فإن الإحرام الحقيقي المسبب عن التلبية غير قابل للإعادة ، فلا بدّ إما من الحكم ببطلان الإحرام الأوّل أو أن الإعادة صورية لا حقيقية ، فحينئذٍ يقع الكلام في بيان المراد من صحيح الحسن بن سعيد الآمر بإعادة الإحرام إذا أحرم من غير غسل فنقول :

إن قوله عليه‌السلام في صحيح ابن سعيد (٢) «يعيده» إمّا يحمل على ظاهره من

__________________

(١) في ص ٣٦٨.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٤٧ / أبواب الإحرام ب ٢٠ ح ١ ، المتقدّم في ص ٣٦٧.

۴۶۹