ومنها : ما رواه الشيخ الكليني بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع ، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقيّة طوافها من الموضع الذي علمته ، فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوّله» (١) وهذه الرواية وإن كانت دلالتها على بطلان الطواف ظاهرة إلّا أنها ضعيفة ، فإن في سندها سلمة بن الخطاب ولم تثبت وثاقته ، وقال النجاشي : إنه ضعيف في حديثه (٢).

وذهب الشيخ الصدوق قدس‌سره إلى الصحّة وجواز إتمام الطواف بعد الطهر والاغتسال ، قال في الفقيه : وروى حريز عن محمّد بن مسلم قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة طافت ثلاثة أطواف أو أقل من ذلك ثمّ رأت دماً ، فقال : تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى» ، وروى العلاء عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام مثله. قال مصنف هذا الكتاب (رضي الله عنه) : وبهذا الحديث افتي دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سأل أبا عبد الله عليه‌السلام ، لأنّ هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الأوّل رخصة ورحمة وإسناده متصل. انتهى (٣).

أقول : الرواية التي تمسك بها الشيخ الصدوق قدس‌سره وإن كانت صحيحة ولا يعارضها ما تقدّم من الروايات الضعيفة إلّا أنها لم ترد في طواف الفريضة وإنما هي مطلقة ، فترفع اليد عن إطلاقها وتحمل على النافلة.

قال الشيخ قدس‌سره بعد ذكره لصحيحة محمّد بن مسلم مع اختلاف يسير : إنه محمول على النافلة ، لأنّا قد بيّنا فيما مضى أن طواف الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استئنافه من أوّله ، ويجوز له في النافلة البناء عليه ، وفيه غنى إن

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٤٥٣ / أبواب الطواف ب ٨٥ ح ١ ، الكافي ٤ : ٤٤٨ / ٢.

(٢) رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٨.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤١ / ١١٥٤.

۴۶۹