منى ورمي الجمار لعدم الدليل عليه.
وأمّا السعي فربّما يقال باستحبابه مستقلا لصحيح محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لرجل من الأنصار : إذا سعيت بين الصفا والمروة كان لك عند الله أجر من حج ماشياً من بلاده ، ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة» (١) بدعوى أن الظاهر من قوله : «إذا سعيت بين الصفا والمروة» إلخ ، ترتب الثواب على نفس السعي وإن لم يكن في ضمن أعمال الحج ، فإن ذكر السعي في قبال الحج مع أن كل حج فيه السعي يدل على ترتب الثواب على السعي في نفسه.
ولكن هذا الاستدلال إنما يتم بناءً على ورود الصحيحة في خصوص السعي بنفسه كما في المحاسن والوسائل إلّا أن الأمر ليس كذلك ، لأنّ الصحيحة المذكورة لم تقتصر على ذكر السعي وثوابه فقط ليستفاد منه الاستحباب النفسي ، بل كان السعي في جملة ما ذكر في هذه الصحيحة من بيان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما يترتب على أعمال الحج من الثواب في المحاورة التي دارت بينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين الأنصاري ، حيث رواها الشيخ والصدوق في التهذيب والفقيه على النحو التالي بنفس السند ، وكذلك الوسائل رواها في الباب الثاني من أقسام الحج الحديث ٧ (٢).
ففي التهذيب عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن محمّد بن قيس قال : «سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول وهو يحدث النّاس بمكّة فقال : إن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يسأله ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن شئت فسل وإن شئت أخبرتك عما جئت تسألني عنه ، فقال : أخبرني يا رسول الله ، فقال : جئت تسألني مالك في حجك وعمرتك ، فإن لك إذا توجّهت إلى سبيل الحج ثمّ ركبت راحلتك ثمّ قلت بسم الله والحمد الله ثمّ مضت راحلتك لم تضع خفّاً ولم ترفع خفّاً إلّا كتب لك حسنة ومحي عنك سيّئة ، فإذا أحرمت
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٤٧١ / أبواب السعي ب ١ ح ١٥ وفي المحاسن : ٦٥ / ١١٩.
(٢) الوسائل ١١ : ٢١٨ / أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٧.