وأن لا يكون ابن زنا (١)


دلّت على أنّ مجرّد الغلظة في الكلام لا يمنع عن الائتمام ما لم يبلغ الحرام وهو صيرورته عاقّاً قاطعاً ، لوضوح أنّ الكلام الغليظ مع الأبوين غير ملازم لاقتراف الذنب في حدّ نفسه ، بل هو أعمّ من ذلك ، فقد يكون سائغاً أو مستحبّاً ، بل واجباً ولو من أجل الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، وربما يكون حراماً كما في مورد العقوق ، فخصّ عليه‌السلام المنع عن الائتمام بالصورة الأخيرة ، لتضمّنها الفسق (١) المنافي للعدالة المعتبرة في إمام الجماعة.

ومنها : موثّقة عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : «الأغلف لا يؤمّ القوم وإن كان أقرأهم ، لأنّه ضيّع من السنّة أعظمها ...» إلخ (٢).

أمّا الرواة فكلّهم ثقاة وإن كان أكثرهم من الزيدية ، فالسند موثّق. كما أنّ الدلالة ظاهرة ، من جهة تعليل المنع عن إمامة الأغلف بتضييع السنّة ، وهي الختان ، الموجب لارتكاب الفسق والعصيان لدى التمكّن منه ، فيستفاد من التعليل المزبور بوضوحٍ المنعُ عن إمامة كلّ من شارك الأغلف في الإعراض عن السنّة وترك واجباً من الواجبات الإلهية ، المنافي للعدالة.

(١) بلا خلاف ولا إشكال ، كما دلّت عليه صريحاً صحيحتا أبي بصير وزرارة المتقدّمتان (٣) اللتان عدّ فيهما ولد الزنا ممّن لا يؤمّ الناس ولا يصلّى خلفه ، المؤيّدتان بغيرهما من النصوص.

وربما يستدلّ بما رواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر

__________________

(١) لمّا كان العقوق من أعظم الكبائر فمن الجائز ثبوت خصوصية فيه تمنع عن الاقتداء فيحتاج التعدّي إلى مطلق المحرّمات إلى القطع بعدم الفرق ، وعهدته على مدّعيه. ومنه يظهر النظر في الموثّقة الآتية المتضمّنة لتضييع أعظم السنّة.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٢٠ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٣ ح ١.

(٣) الوسائل ٨ : ٣٢١ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٤ ح ١ ، ٢ ، وقد تقدمتا في ص ٣٤١.

۴۳۵۱