وأمّا إذا لم يسمع حتّى الهمهمة جاز له القراءة بل الاستحباب قويّ ، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنيّة الجزئيّة ، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئيّة أيضاً (١).


وقد نوقش في سندها تارة وفي الدلالة اخرى :

أمّا السند : فلأنّ في طريق الصدوق إلى أبي المغراء عثمان بن عيسى (١) ، وقد توقّف فيه العلامة في رجاله (٢) ، وضعّفه في كتبه الاستدلالية لكونه واقفياً.

وفيه : أنّ تضعيف العلامة مبنيّ على مسلكه من عدم الاعتماد على غير الإمامي وإن كان ثقة ، وحيث بنينا على الاكتفاء بوثاقة الراوي وإن لم يكن إمامياً فالرواية معتبرة ، لكون الرجل موثّقاً في كتب الرجال ، بل عدّه الكشي من أصحاب الإجماع على قول (٣).

وأمّا الدلالة : فبإمكان حملها على صورة عدم السماع. وفيه من البعد ما لا يخفى ، نعم لو كانت العبارة هكذا : أكون خلف الإمام في الصلاة الجهرية. لم يكن الحمل المزبور بعيداً ، لجواز أن لا يسمع صوت الإمام لبعده عنه. لكن العبارة هكذا : «وهو يجهر بالقراءة» ، وهذا التعبير كما ترى يدل على سماعه للقراءة وتشخيص أنّه يجهر بها حسّا لا حدساً كما لا يخفى.

وأوضح دلالة صحيحة زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «إذا كنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت وسبّح في نفسك» (٤) ، فإنّ الإنصات للقراءة لا يتحقّق إلّا مع الجهر بها وسماعها. فلا يحتمل الحمل على عدم السماع ، وقد دلّت كسابقتها على استحباب التسبيح.

(١) المقام الثاني : فيما إذا لم يسمع حتّى الهمهمة ، ولا ينبغي الاستشكال في

__________________

(١) الفقيه ٤ (المشيخة) : ٦٥.

(٢) الخلاصة : ٣٨٢ / ١٥٣٥.

(٣) رجال الكشي : ٥٥٦ / ١٠٥٠.

(٤) الوسائل ٨ : ٣٦١ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٤.

۴۳۵۱