لكن رواية الطبرسي مرسلة فلا يعتمد عليها. والعمدة إنّما هي الرواية الأُولى المعتبرة المتضمّنة لجواز التساوي.

وفيه أوّلاً : ما عرفت من أنّ غايتها الدلالة على الجواز في المأموم الواحد دون الأكثر الذي هو محلّ الكلام.

وثانياً : أنّها أجنبية عن إمام الجماعة بالكلّية ، فإنّ الإمام في قوله عليه‌السلام : «ويجعله الأمام» بفتح الهمزة بمعنى القُدّام ، لا بكسرها كي يراد به إمام الجماعة ، إذ لا معنى لفرض القبر المطهّر إمام الجماعة كما لا يخفى.

وأمّا الإمام في قوله : «لأنّ الإمام لا يُتقدّم ...» إلخ فالمراد به المعصوم عليه‌السلام ، والحكم محمول على ضرب من الكراهة دون الحرمة ، وإلّا فتجوز الصلاة قُدّام الإمام عليه‌السلام حال حياته فضلاً عن حال مماته عليه‌السلام كما أشرنا إليه في بحث المكان (١) فلاحظ.

ومنها : رواية علي بن إبراهيم الهاشمي رفعه قال : «رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يصلّي بقوم وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط ، وكلّهم عن يمينه وليس على يساره أحد» (٢).

وفيه : أنّها ضعيفة السند لأجل الرفع (٣).

والمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ مقتضى الصناعة وجوب تأخّر المأموم عن الإمام والقيام خلفه ، عملاً بصحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة المؤيّدة بالشواهد الأُخر كما مرّ ، السليمة عما يوجب صرفها عن الوجوب.

هذا كلّه فيما إذا كان المأموم متعدّداً ، وأمّا المأموم الواحد فإنّه يجب أن يقف

__________________

(١) شرح العروة ١٣ : ٩٩.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٤٢ / أبواب صلاة الجماعة ب ٢٣ ح ٦.

(٣) وأمّا علي بن إبراهيم الهاشمي نفسه فهو مشترك بين من هو من رجال موسى بن جعفر عليه‌السلام ولم يوثّق ، ومن هو في طبقة رجال الكليني ، وهو المراد في المقام ، وقد وثّقه النجاشي صريحاً [في رجاله : ٢٦٢ / ٦٨٧] وقد أشار (دام ظلّه) إلى الأوّل في المعجم ١٢ : ٢٣٣ / ٧٨٣٩ ، وإلى الثاني في ١٢ : ٢١٠ / ٧٨٢٥.

۴۳۵۱