عليه. لكنّ الترجيح لم يثبت لا فيها ولا في غيرها من سائر النسخ ، إذ لا شاهد عليه في شي‌ء منها.

ومن ثمّ قدّره بعضهم بما لا يتخطّى ، إعراضاً عن هذه الرواية المضطربة واعتماداً على صحيحة زرارة المتقدّمة (١) المشتملة عليه.

وفيه : أنّها ناظرة إلى البعد دون العلو كما تقدّم (٢) ، وتأتي الإشارة إليه قريباً إن شاء الله تعالى.

والتحقيق : هو التحديد بالشبر ، لا لترجيح النسخة المشتملة عليه ، بل لأنّ الصناعة تقتضي ذلك. أمّا إذا كانت النسخة «ببطن مسيل» أو «يقطع سبيلاً» ونحو ذلك فالرواية على هذه مجملة ، لكون ألفاظها متشابهة لم يتّضح المراد منها.

وأمّا لو كانت «بقدر يسير» فمفهوم اليسير في حدّ ذاته وإن كان صادقاً على الشبر والشبرين بل الثلاثة ، إلّا أنّه بقرينة اقترانه بذكر الإصبع أو الأكثر لا يمكن أن يراد به إلّا ما يقرب من الإصبع كثلاث أصابع أو أربع مثلاً ، دون مقدار الشبر فضلاً عن الأكثر منه.

فنبقى نحن واحتمال أن تكون النسخة هي مطلق الشبر ، ولا سيما قدر إصبع إلى شبر كما في رواية الذكرى. وهذا الاحتمال بمجرّده كافٍ في عدم ظهور لإطلاق المنع المذكور في الصدر ، أعني قوله عليه‌السلام : «أو على موضع أرفع» في الشمول لمقدار الشبر فما دونه ، لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينية.

إذ من الجائز صحّة هذه النسخة ، ولا سيما على رواية الذكرى ، الموجب لتقييد الإطلاق بهذا المقدار ، نعم بالإضافة إلى الزائد على الشبر لا قصور في شمول الإطلاق له. وأمّا بالنسبة إلى الشبر فما دونه فلا دلالة في الرواية على

__________________

(١) في ص ١٣٧.

(٢) في ص ١٣٩.

۴۳۵۱