فيكون المقام أشبه شيء بباب الترتّب ، حيث إنّ وجوب الأهم هناك مطلق ووجوب المهم مشروط بعصيان الأهم ، بلا تعاند بين الوجوبين ، وكذلك الحال فيما نحن فيه ، غايته : أنّ الشرط في المقام ليس هو العصيان بخصوصه ، بل مجرّد عدم إتيان الأجير بالقضاء صحيحاً ، سواء أكان عاصياً بذلك أم كان معذوراً فيه. وهذا هو مراد المصنّف قدسسره من اشتراط السقوط عن الوليّ بإتيان الأجير صحيحاً.
ثمّ إنّه لو بادر الوليّ إلى القضاء قبل الأجير فهل يحكم بانفساخ الإجارة؟ فيه تفصيل ، مرّت الإشارة إليه في المسألة الثانية والعشرين من الفصل السابق ومحصّله : أنّ الإجارة قد تقع على ذات العمل ، وأُخرى على عنوان التفريغ.
فعلى الأوّل لا موجب للانفساخ أبداً ، لتمكّن الأجير من الإتيان بالعمل بعد ذلك ولو رجاءً ، لاحتمال الفساد واقعاً في عمل الوليّ لاشتماله على خلل لم يعلم به ، كأن يكون جنباً وهو لا يدري ، حيث يكون العمل من الأجير حينئذ صحيحاً ومشروعاً ، فهو قادر على التسليم عقلاً وشرعاً. ولا يعتبر في الإجارة أكثر من هذا ، فلا موجب للانفساخ ، فيجب عليه القضاء حينئذ رجاءً وفاءً بعقد الإجارة.
وأمّا على الثاني فتارة : لا يتمكّن الأجير من التفريغ أصلاً لا حدوثاً ولا بقاءً ، كما في المرأة حال طمثها إذا بادر الوليّ إلى القضاء خلال هذه الفترة ، لعدم تمكّنها من العمل خلال هذه الفترة للطمث ، ولا بعدها لانتفاء الموضوع فتكون القدرة على التسليم منتفية في حقّها في جميع الآنات المتصوّرة ، وفي مثل ذلك لا ينبغي الشكّ في انفساخ الإجارة بالعجز عن التسليم ، الكاشف عن عدم كون الأجير مالكاً لشيء حتّى يملّكه الغير ، ولا إجارة إلّا في ملك.
وأُخرى : يطرأ العجز عليه بعد فرض تمكّنه من ذلك ، كما لو استؤجر للصلاة خلال شهر مثلاً فتسامح في الإتيان به إلى أن بادر الولي إليه ، فحصل به التفريغ وانتفى به الموضوع بقاءً بعد فرض قدرته عليه حدوثاً ، وحينئذ لا موجب للانفساخ كما في جميع موارد العجز الطارئ ، غايته ثبوت الخيار للمستأجر