وأمّا لزوم تقديم حقّ الناس على حقّ الله سبحانه فيختصّ بموارد تساوي الواجبين المتزاحمين في الرتبة مع زيادة أحدهما على الآخر بكونه حقّ الناس كما لو كان مكلّفاً بالحج من السنة السابقة وكان مكلّفاً بأداء الدين أيضاً ، فإنّ هذه المزيّة في مسألة الدين تستوجب أهميّة أحد المتزاحمين بالنسبة إلى الآخر قطعاً أو احتمالاً فيتقدّم.
ولا يتمّ ذلك فيما إذا اختلف المتزاحمان في المرتبة وبحسب الملاك بأن كان أحدهما أهمّ من الآخر مطلقاً حتّى ولو كان الآخر حقّا مالياً كما في المقام ، فإنّ الأهم حينئذ يتقدّم على غيره قطعاً ، ولا مجال فيه للترديد ، فضلاً عن تقديم الحقّ المالي على الحق الإلهي.
وقد يقال بانفساخ الإجارة في مفروض الكلام ، فانّ صحّتها مشروطة بالقدرة على العمل حدوثاً وبقاء. فلو طرأ العجز وتعذّر العمل بقاء ولو لأجل المانع الشرعي الذي هو في حكم المانع العقلي كشف ذلك عن بطلان العقد من أوّل الأمر ، لارتفاع الموضوع ، فلا تصل النوبة إلى المزاحمة حتى يتردّد في التقديم.
وفيه ما لا يخفى ، لعدم الدليل على الاشتراط بالقدرة بقاءً ، وإنّما المعتبر هي القدرة على الفعل حدوثاً فقط ، ليكون مالكاً له حال التمليك ، فلا يكون العجز الطارئ قادحاً في صحّة التمليك ولزومه لا في الإجارة ولا في البيع كما مرّت الإشارة إليه (١).
فالمدار في الصحة حدوثاً وبقاءً على مجرّد القدرة على التسليم حدوثاً ، أي في ظرف التمليك ، حتّى لا يملّك ما لا سلطنة له عليه ، وهو متحقّق في المقام ، لا أنّ الصحة بقاءً تدور مدار القدرة بقاءً ، نعم العجز الطارئ يوجب الانتقال إلى البدل ، فيرجع المستأجر في المقام إلى الأجير بأُجرة المثل ، كما أنّ للأجير أن
__________________
(١) في ص ٢٥٤.