عنه إذا كان الأجير جاهلاً ، لاحتمال فساد عمله المقتضي لوجوب الاستئجار ثانياً تحصيلاً لليقين بالفراغ.
ولا مجال لجريان أصالة الصحّة في المقام ، وذلك لأنّه لم تثبت حجّية الأصل المذكور بدليل لفظي حتّى يستند إلى إطلاقه في موارد الشكّ ، حيث لم يدلّ عليه شيء من النصوص بل المستند في حجيّته هي السيرة والإجماع ، بل الضرورة.
فإنّ من الأُمور الواضحة التي اتفق عليها علماء الإسلام وقامت عليه السيرة القطعية حمل الفعل الصادر من المسلم العارف بالمسائل على الصحّة ، بإلغاء احتمال الفساد الناشئ من احتمال الغفلة أو النسيان أو التعمّد في الإخلال ببعض الأجزاء أو الشرائط ، بلا فرق بين العبادات والمعاملات.
فترى أنّه يقتدى بإمام الجماعة ، ويكتفى بصلاة الغير على الميت ، ويبني الموكّل على صحّة ما صدر من وكيله من بيع أو نكاح أو طلاق إلى غير ذلك ممّا يرجع إلى المعاد أو المعاش ، مع طروء احتمال الفساد في جميع ذلك من جهة الغفلة مثلاً عن النية وهي أمر باطني لا سبيل للعلم بها وغيرها من الأجزاء والشرائط ولكنّهم لا يعبؤون بذلك ، حملاً لفعل المسلم على الصحيح.
بل السيرة قائمة على ذلك حتّى مع الشكّ في معرفة العامل ، حيث إنّه لا يُتصدّى في الحكم بالصحّة لمعرفة حال العامل من حيث علمه بالمسائل وجهله بها. فاذا شاهدوا من يصلّي على الميت وهم لا يعرفونه عالماً بمسائل الصلاة أو جاهلاً بها بنوا على صحّة صلاته ، ولم يبالوا باحتمال الفساد الموجب لعدم سقوط الواجب الكفائي بالعمل المذكور.
وأمّا مع العلم بجهله بها فالسيرة غير جارية حينئذ في الحمل على الصحة بمجرّد احتمال المصادفة الواقعية ، فلا تجري في مثله أصالة الصحّة بالضرورة.
وعلى الجملة : بعد فرض انحصار مستند الأصل المذكور بالدليل اللّبي الذي لا إطلاق له لا بدّ من الاقتصار على المقدار المتيقّن به ، وهو صورة العلم بمعرفته للمسائل وصورة الشكّ في ذلك ، لا مع العلم بجهله بها أيضاً.