وإن فسخ العقد طالب بمال الإجارة كاملاً ، إذ بالفسخ ينحلّ العقد من أوّل الأمر ، فيرجع إلى الورثة بتمام المال ، ويخرج من الأصل ، غايته أنّ المستأجر يلزمه أن يدفع للورثة أُجرة المثل بالمقدار الذي كان الميت قد أتى به من العمل ، كما هو الشأن في كلّ معاملة مفسوخة ، حيث يسترجع العوضان عيناً إن أمكن وإلّا استرجع البدل.
أقول : ليس المقام من موارد تخلّف الشرط الموجب للخيار ، بل من باب تخلّف القيد الموجب لتعذّر المبيع في مورد البيع المستلزم للبطلان ، فانّ الاشتراط يباين التقييد ويغايره ثبوتاً وبحسب اللّب ونفس الأمر ، ولا عبرة في هذا الباب باللفظ كما أشرنا إلى ذلك في بعض المباحث السابقة وبيّناه مستقصى في بحث المكاسب (١).
وتوضيح الكلام : أنّ ما تقع عليه المعاملة كالمبيع أو الثمن قد يكون شخصياً وجزئياً خارجياً كما لو باعه الحنطة المعيّنة على أن تكون من المزرعة الفلانية ، وفي مثله يستحيل التقييد ، أي تقييد المبيع بكونه من تلك المزرعة فإنّ التقييد فرع إمكان الإطلاق ، والموجود الخارجي جزئي حقيقي وفرد معيّن لا إطلاق له كي يصلح للتقييد ، سواء وقع التعبير عنه بالتقييد بأن قال : هذه الحنطة المقيّدة بكذا ... ، أو بلفظ الشرط بأن يقول : بشرط أن تكون ... ، أو على أن تكون ... ، أو بوصف كذا.
فالمبيع حينئذ هو الموجود الخارجي على ما هو عليه ، ولا يعقل تقييده بشيء ، حيث إنّه ليس لهذه العين الشخصية فردان كي يمكن التقييد بأحدهما.
فالذي يتصوّر فيه التقييد إنّما هو الالتزام بالبيع ، دون المبيع نفسه ، لما عرفت من أنّ الإنشاء البيعي إنّما يرد على الموجود الخارجي على ما هو عليه وإنّما يكون التزامه بهذا البيع مشروطاً باتّصاف المبيع بالوصف المعيّن ، ومرجع ذلك إلى اشتراط جعل الخيار على تقدير تخلّف الشرط ، كما هو الحال في باب
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٥ : ٤١٠ ٤١١.