والوجه في ذلك : أنّ التمكّن من القضاء غير ثابت في شي‌ء من الأحوال لا في حال الكفر ولا في حال الإسلام ، فإنّه بعد الإسلام لا يجب القضاء عليه على الفرض ، وفي حال كفره لا يتمكّن من الامتثال لبطلان عمله ، فكيف يؤمر بالقضاء مع كونه تكليفاً بما لا يطاق؟

وهذا الكلام متين جدّاً ، لاستحالة الأمر بالقضاء ، من جهة العجز عن الامتثال في كلتا الحالتين كما ذكره قدس‌سره.

وما ذكره بعضهم من جواز تكليف الكافر بالقضاء وفائدته تسجيل العقوبة عليه فهو من عجائب الكلمات التي لا ينبغي الإصغاء إليها ، لعدم تماميته على مسلك العدلية ، وإلّا لصحّ التكليف بالطيران إلى السماء تسجيلاً للعقوبة على تركه ، وهو كما ترى.

وقد تصدّى بعض الأكابر قدس‌سره (١) لتصحيح الأمر بالقضاء في حال الكفر بما حاصله : أنّ الأمر المذكور وإن كان ممتنعاً بعد خروج الوقت الذي هو حال القضاء إلّا أنّه ممكن في حال الأداء وقبل انقضاء الوقت ، فيؤمر في الوقت أوّلاً بالإسلام وبالصلاة المشروطة بالإسلام أداءً ، كما ويؤمر في نفس الحال بالقضاء على تقدير الترك ، فيقال له : أسلم ، وإذا أسلمت أدّ الصلاة ، وإن لم تفعل فاقضها. فكما أنّه يكون مأموراً في الوقت بالأداء أمراً فعلياً كذلك يكون في ذلك الحين مأموراً بالقضاء أمراً فعلياً على تقدير الترك.

والمفروض قدرته على الامتثال ، بأن يسلم فيصلّي أداءً ، وعلى تقدير الترك قضاء ، ولكنّه بسوء اختياره فوّت على نفسه كلا الأمرين ، فلم يسلم ولم يصلّ لا في الوقت ولا في خارجه. فترك القضاء وعدم القدرة عليه ممّا يستند إلى اختياره ، حيث إنّه لم يسلم في الوقت ، فيصحّ عقابه على ترك القضاء كما صحّ عقابه على ترك الأداء ، نظراً إلى استناد كلا الأمرين إلى اختياره ، وذلك لأجل

__________________

(١) المحقّق آقا ضياء الدين العراقي قدس‌سره في شرح تبصرة المتعلمين ١ : ١٨٦.

۳۱۴۱