ابتداءً ورضي به الآخر فالمختار (١) نفس الأرش ، لا عوضٌ عنه. نعم ، للآخر الامتناع منه ؛ لعدم تعيّنه عليه ، كما أنّ لذي الخيار مطالبة النقدين في غير هذا المقام وإن لم يكن للآخر الامتناع حينئذٍ.
وبالجملة ، فليس هنا شيءٌ معيّنٌ ثابتٌ في الذمّة ، إلاّ أنّ دفع غير النقدين يتوقّف على رضا ذي الخيار ويكون نفس الأرش ، بخلاف دفع النقدين ، فإنّه إذا اختير غيرهما لم يتعيّن (٢) للأرشيّة.
هل يعقل استغراق الارش للثمن؟
ثمّ إنّه قد تبيّن ممّا ذكرنا في معنى الأرش : أنّه لا يكون إلاّ مقداراً مساوياً لبعض الثمن ، ولا يعقل أن يكون مستغرقاً له ، لأنّ المعيب إن لم يكن ممّا يتموّل ويبذل في مقابله شيءٌ من المال بطل بيعه ، وإلاّ فلا بدّ من أن يبقى له من الثمن قسطٌ.
تصوير ذلك فيما لو حصل قبل القبض أو في زمان الخيار عيب مستغرق للقيمة
نعم ، ربما يتصوّر ذلك فيما إذا حدث قبل القبض أو في زمان الخيار عيبٌ يستغرق للقيمة مع بقاء الشيء على صفة التملّك (٣) ، بناءً على أنّ مثل ذلك غير ملحقٍ بالتلف في انفساخ العقد به ، بل يأخذ المشتري أرش العيب ، وهو هنا مقدار تمام الثمن. لكن عدم إلحاقه بالتلف مشكلٌ ، بناءً على أنّ العيب إذا كان مضموناً على البائع بمقتضى قوله عليهالسلام : «إن حدث بالحيوان حدثٌ فهو من مال البائع حتّى ينقضي خياره» (٤)
__________________
(١) في «ش» : «فمختاره».
(٢) كذا في النسخ ، لكن قال الشهيدي قدسسره : «الصواب : فإنّه إذا اختير أحدهما يتعيّن للأرشيّة» هداية الطالب : ٥٤٨.
(٣) في محتمل «ق» : «الملك».
(٤) الوسائل ١٢ : ٣٥٢ ، الباب ٥ من أبواب الخيار ، الحديث ٥ ، وليس فيه : «حتّى ينقضي خياره».