الاستدلال بـ «لا ضرر ولا ضرار»
وأقوى ما استدلّ به على ذلك في التذكرة (١) وغيرها (٢) قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» (٣) ، وكأنّ وجه الاستدلال : أنّ لزوم مثل هذا البيع وعدم تسلّط المغبون على فسخه ضررٌ عليه وإضرارٌ به فيكون منفيّاً ، فحاصل الرواية : أنّ الشارع لم يحكم بحكمٍ يكون فيه الضرر ولم يسوّغ إضرارَ المسلمين بعضِهم بعضاً ، ولم يمضِ لهم من التصرّفات ما فيه ضررٌ على الممضى عليه.
ومنه يظهر صحّة التمسّك لتزلزل كلِّ عقدٍ يكون لزومه ضرراً على الممضى عليه ، سواءً كان من جهة الغبن أم لا ، وسواءً كان في البيع أم في غيره ، كالصلح الغير المبني على المسامحة والإجارة وغيرها من المعاوضات.
المناقشة في الاستدلال المذكور
هذا ، ولكن يمكن الخدشة في ذلك : بأنّ انتفاء اللزوم وثبوت التزلزل في العقد لا يستلزم ثبوت الخيار للمغبون بين الردّ والإمضاء بكلِّ الثمن ؛ إذ يحتمل أن يتخيّر بين إمضاء العقد بكلِّ الثمن وردِّه في المقدار الزائد ، غاية الأمر ثبوت الخيار للغابن ؛ لتبعّض المال عليه ، فيكون حال المغبون حال المريض إذا اشترى بأزيد من ثمن المثل ، وحاله بعد العلم بالقيمة حال الوارث إذا مات ذلك المريض المشتري ، في أنّ له استرداد الزيادة من دون ردّ جزءٍ من العوض ، كما عليه الأكثر في معاوضات المريض المشتملة على المحاباة (٤) وإن اعترض عليهم العلاّمة بما حاصله : أنّ
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٢٢.
(٢) كما استدلّ به في الغنية : ٢٢٤ ، والتنقيح الرائع ٢ : ٤٧ ، والرياض ٨ : ١٩٠ وغيرها.
(٣) الوسائل ١٧ : ٣٧٦ ، الباب الأوّل من أبواب موانع الإرث ، الحديث ١٠.
(٤) راجع جامع المقاصد ١١ : ١٤١ ، والجواهر ٢٨ : ٤٧٣ ٤٧٤.