المتقدّم على العلاّمة ، وحاصل وجهه : أنّ صفة الصحّة لم تُقابل بشي‌ءٍ من الثمن حتّى يكون المقابل للمعيب الفاقد للصّحة أنقص منه قدراً ، بل لم تُقابل بشي‌ءٍ أصلاً ولو من غير الثمن وإلاّ لثبت في ذمّة البائع وإن لم يختر المشتري الأرش ، بل الصحّة وصفٌ التزمه البائع في المبيع من دون مقابلته بشي‌ءٍ من المال كسائر الصفات المشترطة في المبيع ، إلاّ أنّ الشارع جوّز للمشتري مع تبيّن فقده أخذ ما يخصّه بنسبة المعاوضة من الثمن أو غيره. وهذه غرامةٌ شرعيّةٌ حكم بها الشارع عند اختيار المشتري لتغريم البائع.

هذا ، ولكن يمكن أن يدّعى : أنّ المستفاد من أدلّة تحريم الربا وحرمة المعاوضة إلاّ مثلاً بمثلٍ بعد ملاحظة أنّ الصحيح والمعيب جنسٌ واحدٌ أنّ وصف الصحّة في أحد الجنسين كالمعدوم لا يترتّب على فقده استحقاق عوضٍ ، ومن المعلوم : أنّ الأرش عوض وصف الصحّة عرفاً وشرعاً ، فالعقد على المتجانسين لا يجوز أن يصير سبباً لاستحقاق أحدهما على الآخر زائداً على ما يساوي الجنس الآخر. وبالجملة ، فبناء معاوضة المتجانسين على عدم وقوع مالٍ في مقابل الصحّة المفقودة في أحدهما.

والمسألة في غاية الإشكال ، ولا بدّ من مراجعة أدلّة الربا وفهم حقيقة الأرش ، وسيجي‌ء بعض الكلام فيه إن شاء الله.

٢ ـ ما لو لم يوجب العيب نقصاً في القيمة

الثاني : ما لو لم يوجب العيب نقصاً في القيمة ، فإنّه لا يتصوّر هنا أرشٌ حتّى يحكم بثبوته ، وقد مثّلوا لذلك بالخصاء في العبيد (١).

__________________

(١) كما مثل به في الدروس ٣ : ٢٨٨ ، والمسالك ٣ : ٢٨٤ ، والجواهر ٢٣ : ٢٤٣.

۴۴۸۱