توجيه المكاتبة
والأولى توجيه الرواية : بأنّ الحكم بتقديم قول المنادي لجريان العادة بنداء الدلاّل عند البيع بالبراءة من العيوب على وجهٍ يسمعه كلّ من حضر للشراء ، فدعوى المشتري مخالفةٌ للظاهر ، نظير دعوى الغبن والغفلة عن القيمة ممّن لا يخفى عليه قيمة المبيع.
إشكال آخر في المكاتبة والذبّ عنه
بقي في الرواية إشكالٌ آخر ؛ من حيث إنّ البراءة من العيوب عند نداء المنادي لا يجدي في سقوط خيار العيب ، بل يعتبر وقوعه في متن العقد.
ويمكن التفصّي عنه : إمّا بالتزام كفاية تقدّم الشرط على العقد بعد وقوع العقد عليه ، كما تقدّم (١) في باب الشروط. وإمّا بدعوى أنّ نداء الدلاّل بمنزلة الإيجاب ؛ لأنّه لا ينادي إلاّ بعد أن يرغب فيه أحد الحضّار بقيمته ، فينادي الدلاّل ويقول : بعتك هذا الموجود بكلّ عيبٍ ، ويكرّر ذلك مراراً من دون أن يتمّ الإيجاب حتّى يتمكّن من إبطاله عند زيادة من زاد ، والحاصل : جَعَل نداءه إيجاباً للبيع. ولو أبيت إلاّ عن أنّ المتعارف في الدلاّل كون ندائه قبل إيجاب البيع ، أمكن دعوى كون المتعارف في ذلك الزمان غير ذلك ، مع أنّ الرواية لا تصريح فيها بكون البراءة في النداء قبل الإيجاب ، كما لا يخفى.
__________________
(١) كذا في «ق» ، وفي «ش» : «كما يأتي» ، وهذا هو المناسب للترتيب الموجود في النسخ ، حتّى نسخة الأصل وهي «ق» حيث إنّ «القول في الشروط» يأتي متأخراً في الجزء السادس الصفحة ١١ ـ ، والظاهر أنّ المؤلّف قدسسره كتب «القول في الشروط» قبل هذا الموضوع ، ثمّ حصل تقديم وتأخير في تنضيد الأوراق.
ويؤيّد هذا الاستظهار بدأ باب الشروط في نسخة «ق» بالتحميد.