ما يؤيّد كونه شرطاً شرعيّاً
وممّا يؤيّد الأوّل : أنّهم اختلفوا (١) في صحّة التصرّفات الناقلة في زمان الخيار ولم يحكموا ببطلان التصرّفات الواقعة من الغابن حين جهل المغبون ، بل صرّح بعضهم (٢) بنفوذها وانتقال المغبون بعد ظهور غبنه إلى البدل.
ويؤيّده أيضاً : الاستدلال في التذكرة (٣) والغنية (٤) على هذا الخيار بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث تلقّي الركبان : «إنّهم بالخيار إذا دخلوا السوق» (٥) فإنّ ظاهره حدوث الخيار بعد الدخول الموجب لظهور الغبن.
إمكان إرجاع الكلمات إلى أحد الوجهين
هذا ، ولكن لا يخفى إمكان إرجاع الكلمات إلى أحد الوجهين بتوجيه ما كان منها ظاهراً في المعنى الآخر.
وتوضيح ذلك (٦) : أنّه إن أُريد بالخيار السلطنة الفعليّة التي يقتدر بها على الفسخ والإمضاء قولاً أو فعلاً ، فلا يحدث إلاّ بعد ظهور الغبن.
وإن أُريد به ثبوت حقٍّ للمغبون لو علم به لقام بمقتضاه ، فهو ثابتٌ قبل العلم ، وإنّما يتوقّف على العلم إعمال هذا الحقّ ، فيكون حال
__________________
(١) راجع تفصيل الأقوال في جامع المقاصد ٤ : ٢٩٥ ، والروضة ٣ : ٤٦٦ ، والرياض ١ : ٥٢٥ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٢.
(٢) لم نعثر على من صرّح بذلك ، نعم صرّح في المسالك ٣ : ٢٠٦ و ٢٠٧ ، والجواهر ٢٣ : ٥٠ ، وغيرهما : بعدم سقوط خيار المغبون بتصرف الغابن ، بل يفسخ ويرجع إلى المثل أو القيمة.
(٣) التذكرة ١ : ٥٢٢ ، ولكن لم يذكر فيه لفظ الحديث.
(٤) الغنية : ٢٢٤.
(٥) راجع السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ٣٤٨ ، باب النهي عن تلقّي السلع.
(٦) شُطب في «ف» على هذه العبارة ، وكتب بدلها في الهامش : «فالأولى أن يقال».