المأموم الذي يصلّي احتياطاً ، سواء أقلنا بأنّ الأمر في مورده عقلي كما في الشبهات قبل الفحص أو المقرونة بالعلم الإجمالي ، أو قلنا بأنّه شرعي مولوي وحكم ظاهري.

بل الضابط في الفرق أنّ في موارد الاحتياط حتّى بناءً على ثبوت الحكم الظاهري الشرعي لم يتعلّق أمر بذات العمل ، وإنّما تعلّق الأمر المولوي بنفس عنوان الاحتياط ، وأمّا العمل الذي يحتاط فيه فلم يتعلّق به أمر شرعي من ناحية الاحتياط بوجه ، بل هو على ما كان عليه واقعاً. فالصلاة الصادرة من المأموم احتياطاً لم يحرز تعلّق الأمر بها لا واقعاً ولا ظاهراً.

وهذا بخلاف موارد الاستصحاب أو قاعدة التجاوز ، فإنّ الصلاة حينئذ بنفسها متعلّقة للأمر الشرعي الظاهري ، فهي محكومة بالصحّة الشرعية ظاهراً ، فيرتّب عليها أحكام الجماعة. فالمناط الوحيد في الفرق تعلّق الأمر الشرعي بذات الصلاة وعدمه ، ولا أثر للإرشادية والمولوية في ذلك أبداً.

ومنه تعرف أنّ في موارد الاحتياط الوجوبي كما لو شكّ أثناء الوقت في الإتيان بالصلاة ، إن قلنا بجريان الاستصحاب في الأمر المتعلّق بالصلاة كما هو الصحيح فقد أحرز بذلك تعلّق الأمر الظاهري بها ، فيرتّب عليها أحكام الجماعة.

وأمّا لو أنكرنا ذلك كما عليه شيخنا الأُستاذ قدس‌سره (١) بدعوى أنّ وجوب الفعل عقلاً من آثار نفس الشكّ لا الواقع ، ولا يشمل التعبّد الاستصحابي مثل ذلك فهذه الدعوى وإن كانت ممنوعة كما بيّناه في الأُصول (٢) لكن بناءً على تسليمها لم يحرز تعلّق الأمر الشرعي بالصلاة حينئذ ، ومعه لا يمكن ترتيب آثار الجماعة.

__________________

(١) [توجد هذه الكبرى مع مثال آخر في أجود التقريرات ٢ : ٤٠٩ ، فوائد الأُصول ٤ : ٤٥٦].

(٢) [توجد هذه الكبرى مع مثال آخر في مصباح الأُصول ٢ : ٢٩٥].

۴۳۵۱