واللاحجّة كما هو ظاهر ، هذا.

وقد ذكرنا في محلّه (١) أنّ الأقوى حجّية خبر العدل الواحد في الموضوعات كالأحكام ، فإنّ عمدة المستند في الحجّية هي السيرة العملية المؤكّدة بالآيات والروايات ، وهي كما قامت على العمل بخبر العادل في الأحكام قامت على العمل به في الموضوعات بلا فرق بينهما ، وهي ممضاة لدى الشرع بعدم الردع إلّا في موارد خاصّة اعتبر فيها العدد كما في الترافع ، بل ربما اعتبر الأربع كما في الشهادة على الزنا.

ودعوى الردع عنها بمثل قوله عليه‌السلام في رواية مسعدة بن صدقة : «والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة» (٢) الظاهر في المنع عن العمل في الموضوعات بغير البيّنة ، مدفوعة بأنّ الرواية وإن كانت معتبرة ، لوجود مسعدة في أسانيد كامل الزيارات (٣) وإن لم يوثّق صريحاً ، لكن الدلالة قاصرة.

فانّ المراد بالبيّنة هي مطلق الحجّة الشرعية ، في قبال الاستبانة التي هي بمعنى الوضوح بالعلم الوجداني ، لا خصوص شهادة العدلين ، فإنّه اصطلاح محدث تداول في ألسنة الفقهاء ، وأمّا لغة فهي بمعنى الحجّة والبرهان ، وكذا في لسان الآيات والروايات بأجمعها ، حتّى في مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والايمان» (٤).

فانّ مراده صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك عدم استفادته في مقام القضاء وفصل الخصومة من علم النبوّة ، بل يحكم على طبق الموازين الشرعية الظاهرية من مطالبة المدّعى بالدليل والحجّة والمنكر باليمين ، ولا تنحصر الحجّة في شهادة العدلين ، بل قد تفصل الخصومة بغيرها كالإقرار بلا إشكال. نعم ثبت من

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ١٩٦ ، ٢٠٠.

(٢) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤.

(٣) بل لكونه من رجال تفسير القمّي ، لعدم كونه من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة.

(٤) الوسائل ٢٧ : ٢٣٢ / أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٢ ح ١.

۴۳۵۱