الثالثة : أن لا يعلم المأموم بموافقة رأي الإمام أو من يقلّده مع رأيه أو رأي من يقلّده ، واحتمل الاختلاف بين الرأيين. والظاهر عدم جواز الائتمام حينئذ بعد احتمال البطلان في صلاة الإمام ، وعدم طريق إلى إحراز صحّتها.

وربما يقال بالجواز ، استناداً إلى أصالة الصحّة الجارية في صلاة الإمام.

وفيه : ما لا يخفى ، لما ذكرناه في الأُصول (١) من عدم جريان الأصل المزبور في موارد احتمال الصحّة من أجل المصادفات الاتّفاقية ، من غير فرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية.

فانّ المستند في هذا الأصل إنّما هي السيرة العملية أو بناء العقلاء ، وكلاهما دليل لبّي لا بدّ من الاقتصار فيه على المقدار المتيقّن ، وهو ما إذا كان الشكّ في الصحّة ناشئاً من احتمال الإخلال في امتثال الوظيفة المعلومة لديه لغفلة ونحوها.

وأمّا مع العلم بجهله بها واحتمال الصحّة لمجرّد المصادفة الواقعية فالسيرة وبناء العقلاء غير شاملين لمثل ذلك قطعاً ، ولا أقلّ من الشكّ ، وهو كافٍ في المنع بعد أن لم يكن المستند دليلاً لفظياً كي يتمسّك بإطلاقه ، من غير فرق بين الشبهة الحكمية كما لو رأينا أحداً يصلّي على الميّت مع علمنا بعدم معرفته لكيفية الصلاة لكن احتملنا إتيانه للتكبيرات الخمس صحيحة من باب الاتّفاق ، أو الموضوعية كما لو رأينا زيداً يصلّي إلى جهة غافلاً عن القبلة ومن غير تحقيق عنها ، واحتملنا المطابقة معها صدفة واتّفاقاً ، فإنّه لا ريب في عدم جريان أصالة الصحّة في أمثال هذه الموارد.

والمقام من هذا القبيل ، إذ بعد علمنا بخطإ الإمام في اعتقاد الاجتهاد أو التقليد فهو لدينا جاهل بالحكم ، وغير عالم بالوظيفة ، فاحتمال الصحّة في صلاته حينئذ لا منشأ له عدا احتمال المصادفة للواقع من باب الاتّفاق ، ومثله

__________________

(١) مصباح الأُصول ٣ : ٣٢٥.

۴۳۵۱