نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحّة ولا يضرّ ، كما لا يضرّ فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم وإن كانت باطلة بحسب تقليد الصفّ المتأخّر.
العدم ، فيكون الصفّ المتقدّم أو واسطة الاتّصال بمنزلة من لا يصلّي ، فهو فاصل ، كما أنّه حائل ، فيوجب بطلان جماعة المتأخّر من كلتا الناحيتين. وما تقدّم (١) من عدم قدح حيلولة الصفّ المتقدّم ولا الفصل بهم مختصّ بما إذا كانوا مصلّين ، لا من يأتي بصورة الصلاة التي ليست هي من حقيقتها في شيء كما هو ظاهر.
كما لا إشكال في الصحّة مع الجهل بالفساد ، حملاً لفعلهم على الصحيح وللسيرة القائمة على عدم التحقيق ، فترتّب عليه آثار الصحّة التي منها عدم كونه فاصلاً ولا حائلاً.
إنّما الكلام فيما إذا اختلفا في الصحّة والفساد اجتهاداً أو تقليداً ، فكانت صلاتهم صحيحة بنظرهم فاسدة بنظر الصفّ المتأخّر ، سيما فيما يعود إلى الأركان كما لو توضّأ المتقدّم جبيرة والمتأخّر يرى اجتهاداً أو تقليداً أنّه من موارد التيمم ، أو بالعكس ، فهل العبرة حينئذ بنظرهم أو بنظر الصفّ المتأخّر؟
الأقوى هو الأوّل كما اختاره في المتن ، فلا يضرّ فصلهم ولا حيلولتهم.
أمّا أوّلاً : فلقصور المقتضي في دليل المنع وانصرافه عن مثل المقام ، فلا بعدَ مع صحّة الصلاة بنظر المصلّي وكون المجموع جماعة واحدة متّصلة بعضها ببعض ، فليس ذلك من الفصل بغير المصلّي. كما أنّه لا يعدّ من الحائل بعد كونها صلاة صحيحة ولو بنظره كما لا يخفى. فاطلاقات الجماعة غير قاصرة الشمول للمقام ، ومع التنزل فتكفينا أصالة البراءة عن التقيّد بالعدم ، التي مرّ تقريرها غير مرّة في نظائر المقام (٢).
__________________
(١) في ص ١٧٥.
(٢) منها ما تقدّم في ص ١٨٢.