«ما لا يتخطّى» هو الحائل ، ليستقيم التفريع المزبور ، إذ لو أُريد به البعد فلا ارتباط بينه وبين مانعية الستر والجدار ليتفرّع أحدهما على الآخر ، فلا يحسن العطف بالفاء حينئذ.

وفيه أولاً : أنّه لا موقع للتفريع حتّى لو أُريد بما لا يتخطّى الحائل لاستلزامه التكرار الذي هو لغو ظاهر ، إذ بعد بيان اعتبار أن لا يكون حائل لا يتخطّى معه فيستفاد منه اعتبار عدم وجود الساتر والجدار بالأولوية القطعية ، فالتعرّض له لاحقاً تكرار (١) عارٍ عن الفائدة ومستلزم للغوية كما عرفت.

وثانياً : أنّه قد حكي عن بعض نسخ الوافي (٢) نقل الرواية عن الكافي مع الواو كما في الفقيه.

وثالثاً : لو سلّم اشتمال النسخة على الفاء فالتفريع ناظر إلى صدر الحديث لا إلى الفقرة السابقة كي لا يكون ملائماً مع ما استظهرناه.

وتوضيحه : أنّه عليه‌السلام ذكر في الصدر (٣) أنّه «ينبغي أن تكون الصفوف تامّة متواصلة بعضها إلى بعض» ، وهذا هو الذي يساعده الاعتبار في صدق عنوان الجماعة عرفاً ، إذ لو كان المأمومون متفرّقين بعضهم في شرق المسجد والآخر في غربه وثالث في شماله والآخر في ناحية أُخرى لا يصدق معهم عنوان الجماعة المتّخذة من الاجتماع ، المتقوّم بالهيئة الاتّصالية بحيث كان المجموع صلاة واحدة.

__________________

(١) يمكن أن يقال : إنّ ظاهره إرادة المثال ، وتفريع المثال على الممثل شائع في الاستعمالات فلا تكرار ، ولو كان فلا بشاعة فيه.

(٢) راجع الوافي ٨ : ١١٩٠ / ٨٠٢٣.

(٣) هذا الصدر غير مذكور في رواية الكافي التي هي محلّ الكلام ، وإنّما هو مذكور في رواية الفقيه كما تقدّم ، هذا. وسيأتي الكلام حول مفاد الصحيحة وفقه الحديث مرّة أُخرى في ذيل الشرط الثالث [ص ١٥٩] وربما يغاير المقام فلاحظ. [لا يخفى أنّ صدر الصحيحة ذكر في الكافي والتهذيب معاً ، لكن في الذيل كما سيشار إليه في ص ١٥٩].

۴۳۵۱