بطرق متعدّدة ، فلا تقاوم تلكم الروايات الكثيرة المستفيضة البالغة حدّ التواتر ولو إجمالاً ، فتندرج الثانية في الرواية الشاذّة في مقابل الرواية المشهورة وهي الطائفة الأُولى ، وقد أُمرنا بالأخذ بما اشتهر بين الأصحاب المجمع عليه بينهم وطرح الشاذّ النادر.

فعلى تقدير المعارضة والغضّ عن الجمع العرفي المتقدّم يكون الترجيح للأخبار المجوّزة ، وتطرح المانعة بردّ علمها إلى أهله.

نعم ، إنّ هناك رواية أُخرى ربما يظهر منها المنع وعدم الاكتفاء بإدراك الإمام في الركوع ، وهي صحيحة الحلبي ، وقد رواها المشايخ الثلاثة عن أبي عبد الله عليه‌السلام «قال : إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة ، وإن أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر» (١).

قال في الوسائل : يمكن أن يكون المراد : إذا أدركته بعد فراغه من الركوع ورفع رأسه ... ، ووافقه المحقّق الهمداني قدس‌سره ، وعلى ذلك فقد حمل الركوع في الصدر على الفراغ أيضاً (٢). فيكون حاصل المعنى : أنّه إذا أدركت الإمام قبل أن يفرغ من ركوع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة ، وإن أدركته بعد فراغه ورفع رأسه عنه فقد فاتت الصلاة ، وعليه أن تصلّي الظهر أربع ركعات.

ولكنّه كما ترى خلاف الظاهر جدّاً ، فإنّ صيغة الفعل الماضي ظاهرة في التحقّق ، فقوله : «بعد ما ركع» ظاهر في تحقّق الركوع منه خارجاً ، الحاصل بالدخول ، فحمله على الفراغ منه وانقضائه برفع الرأس منه خلاف الظاهر.

كما أنّ صيغة المضارع ظاهرة في الشروع والتلبس ، فقوله : «قبل أن يركع» بمعنى : قبل أن يشرع في الركوع ويتلبّس به. فحمله على ما قبل الفراغ منه بعد

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٣٤٥ / أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ١ ، ٣ ، الكافي ٣ : ٤٢٧ / ١ ، الفقيه ١ : ٢٧٠ / ١٢٣٣ ، التهذيب ٣ : ٢٤٣ / ٦٥٦.

(٢) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٦٢٧ السطر ٨.

۴۳۵۱