حجّية الظنّ في مقام العمل على طبق ذلك الظنّ ، فإذا ظننّا بعد مضيّ مقدار من الوقت بأنّا قد أتينا بالجمعة في هذا اليوم ، لكن احتمل نسيانها ، فلا يكفي الظنّ بالامتثال من هذه الجهة ، بمعنى أنّه إذا لم نأت بها في الواقع ونسيناها قام الظنّ بالإتيان مقام العلم به ، بل يجب بحكم الأصل وجوب الاتيان بها. وكذلك لو ظننّا بدخول الوقت وأتينا بالجمعة فلا يقتصر على هذا الظنّ بمعنى عدم العقاب على تقدير مخالفة الظنّ للواقع بإتيان الجمعة قبل الزوال.

وبالجملة : إذا ظنّ المكلّف بالامتثال وبراءة ذمّته وسقوط الواقع ، فهذا الظنّ : إن كان مستندا إلى الظنّ في تعيين الحكم الشرعيّ كان المكلّف فيه معذورا مأجورا على تقدير المخالفة للواقع ، وإن كان مستندا إلى الظنّ بكون الواقع في الخارج منه منطبقا على الحكم الشرعيّ فليس معذورا ، بل يعاقب على ترك الواقع أو ترك الرجوع إلى القواعد الظاهريّة التي هي المعوّل لغير العالم.

عدم حجيّة الظنّ في الامور الخارجيّة

وممّا ذكرنا تبيّن : أنّ الظنّ بالامور الخارجيّة عند فقد العلم بانطباقها على المفاهيم الكلّية التي تعلّق بها الأحكام الشرعيّة لا دليل على اعتباره ، وأنّ دليل الانسداد إنّما يعذر الجاهل فيما انسد فيه باب العلم لفقد الأدلّة المنصوبة من الشارع أو إجمال (١) ما وجد منها ، ولا يعذر الجاهل بالامتثال من غير هذه الجهة ؛ فإنّ المعذور فيه هو الظنّ بأنّ قبلة العراق (٢) ما بين المشرق والمغرب ، أمّا الظنّ بوقوع

__________________

(١) في غير (ص) : «وإجمال».

(٢) في (ت) و (ص) زيادة : «هو».

۶۴۸۱