لمقتضى الاحتياط ، فلو عمل بالاحتياط وجب عليه أن يضيف إلى تلك الظنون الاحتمالات الموهومة والمشكوكة المطابقة للاحتياط.

الإيراد الثاني على لزوم الحرج وجوابه

ومنها : أنّه يقع التعارض بين الأدلّة الدالّة على حرمة العمل بالظنّ والعمومات النافية للحرج ، والأوّل أكثر ، فيبقى أصالة الاحتياط مع العلم الإجماليّ بالتكاليف الكثيرة سليمة عن المزاحم.

وفيه : ما لا يخفى ؛ لما عرفت في تأسيس الأصل (١) : من أنّ العمل بالظنّ ليس فيه ـ إذا لم يكن بقصد التشريع والالتزام شرعا بمؤدّاه ـ حرمة ذاتيّة ، وإنّما يحرم إذا أدّى إلى مخالفة الواقع من وجوب أو تحريم ، فالنافي للعمل بالظنّ فيما نحن فيه ليس إلاّ قاعدة الاحتياط الآمرة بإحراز الاحتمالات الموهومة وترك العمل بالظنون المقابلة لتلك الاحتمالات ، وقد فرضنا أنّ قاعدة الاحتياط ساقطة بأدلّة نفي العسر (٢). ثمّ لو فرضنا ثبوت الحرمة الذاتيّة للعمل بالظنّ ولو لم يكن على جهة التشريع ، لكن عرفت سابقا (٣) عدم معارضة عمومات نفي العسر لشيء من العمومات المثبتة للتكليف المتعسّر.

الإيراد الثالث على لزوم الحرج

ومنها : أنّ الأدلّة النافية للعسر إنّما تنفي وجوده في الشريعة بحسب أصل الشرع أوّلا وبالذات ، فلا تنافي وقوعه بسبب عارض لا يسند إلى الشارع ؛ ولذا لو نذر المكلّف امورا عسرة ـ كالأخذ بالاحتياط في جميع الأحكام الغير المعلومة ، وكصوم الدهر ، أو

__________________

(١) راجع الصفحة ١٣٤.

(٢) في (ت) و (ه) زيادة : «والحرج».

(٣) راجع الصفحة ٤٠٨.

۶۴۸۱