الامور الشاقّة جدّا خصوصا في هذه الأزمنة ، فهل السبب فيه إلاّ تقصير المقصّرين الموجبين لاختفاء آثار الشريعة؟ وهل يفرّق في نفي العسر بين الوجوب الكفائيّ والعينيّ؟

جواب الإيراد الثالث

والجواب عن هذا الوجه : أنّ أدلّة نفي العسر ـ سيّما البالغ منه حدّ اختلال النظام والإضرار بامور المعاش والمعاد ـ لا فرق فيها بين ما يكون بسبب يسند عرفا إلى الشارع ، وهو الذي اريد بقولهم عليهم‌السلام : «ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر» (١) ، وبين ما يكون مسندا إلى غيره.

ووجوب صوم الدهر على ناذره إذا كان فيه مشقّة لا يتحمّل عادة ممنوع. وكذا أمثالها (٢) : من المشي إلى بيت الله جلّ ذكره ، وإحياء الليالي ، وغيرهما.

مع إمكان أن يقال : بأنّ ما ألزمه المكلّف على نفسه من المشاقّ (٣) ، خارج عن العمومات ، لا ما كان السبب فيه نفس المكلّف ، فيفرّق بين الجنابة متعمّدا فلا يجب الغسل مع المشقّة وبين إجارة النفس للمشاقّ ؛ فإنّ الحكم في الأوّل تأسيس من الشارع وفي الثاني إمضاء لما ألزمه المكلّف على نفسه ، فتأمّل.

وأمّا الاجتهاد الواجب كفاية عند انسداد باب العلم ـ فمع أنّه شيء يقضي بوجوبه الأدلّة القطعيّة ، فلا ينظر إلى تعسّره وتيسّره ـ فهو

__________________

(١) الوسائل ٧ : ١٦٢ ، الباب ٢٤ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، الحديث ٦.

(٢) كذا في جميع النسخ ، والأنسب : «أمثاله».

(٣) في (ت) ، (ل) و (ه) زيادة : «لازم» ، وفي (ظ) و (م) زيادة : «بملزم».

۶۴۸۱