المقدّمة الثالثة : بطلان وجوب تحصيل الامتثال بالطرق المقرّرة للجاهل

المقدّمة الثالثة :

في بيان بطلان وجوب تحصيل الامتثال بالطرق المقرّرة للجاهل : من الاحتياط ، أو الرجوع في كلّ مسألة إلى ما يقتضيه الأصل في تلك المسألة ، أو الرجوع إلى فتوى العالم بالمسألة وتقليده فيها ، فنقول :

إنّ كلا من هذه الامور الثلاثة وإن كان طريقا شرعيّا في الجملة لامتثال الحكم المجهول ، إلاّ أنّ منها ما لا يجب في المقام ومنها ما لا يجري.

عدم وجوب الاحتياط لوجهين

أمّا الاحتياط ، فهو وإن كان مقتضى الأصل والقاعدة العقليّة والنقليّة عند ثبوت العلم الإجماليّ بوجود الواجبات والمحرّمات ، إلاّ أنّه في المقام ـ أعني صورة انسداد باب العلم في معظم المسائل الفقهيّة ـ غير واجب ؛ لوجهين :

١ ـ الإجماع القطعيّ

أحدهما : الإجماع القطعيّ على عدم وجوبه في المقام ، لا بمعنى أنّ أحدا من العلماء لم يلتزم بالاحتياط في كلّ الفقه أو جلّه حتّى يرد عليه : أنّ عدم التزامهم به إنّما هو لوجود المدارك المعتبرة عندهم للأحكام فلا يقاس عليهم من لا يجد مدركا في المسألة ، بل بالمعنى الذي تقدّم نظيره في الإجماع على عدم الرجوع إلى البراءة.

وحاصله : دعوى الإجماع القطعيّ على أنّ المرجع في الشريعة ـ على تقدير انسداد باب العلم في معظم الأحكام وعدم ثبوت حجّيّة أخبار الآحاد رأسا أو باستثناء قليل هو في جنب الباقي كالمعدوم ـ ليس هو الاحتياط في الدين والالتزام بفعل كلّ ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك كلّ ما يحتمل الحرمة كذلك.

۶۴۸۱