وجوب الاقتصار على الظنّ الاطمئناني بناء على الحكومة

وأمّا على تقدير تقريرها على وجه يوجب حكومة العقل بوجوب الإطاعة الظنّيّة والفرار عن المخالفة الظنّيّة ، وأنّه يقبح من الشارع تعالى إرادة أزيد من ذلك كما يقبح من المكلّف الاكتفاء بما دون ذلك ، فالتعميم وعدمه لا يتصوّر بالنسبة إلى الأسباب ؛ لاستقلال العقل بعدم الفرق فيما إذا كان المقصود الانكشاف الظنّي بين الأسباب المحصّلة له ، كما لا فرق فيما (١) كان المقصود الانكشاف الجزميّ بين أسبابه ، وإنّما يتصوّر من حيث مرتبة الظنّ ووجوب الاقتصار على الظنّ القويّ الذي يرتفع معه التحيّر عرفا.

بيان ذلك : أنّ الثابت من مقدّمتي بقاء التكليف وعدم التمكّن من العلم التفصيليّ : هو وجوب الامتثال الإجماليّ بالاحتياط في إتيان كلّ ما يحتمل الوجوب وترك كلّ ما يحتمل الحرمة ، لكن المقدّمة الثالثة النافية للاحتياط إنّما أبطلت (٢) وجوبه على وجه الموجبة الكلّية ، بأن يحتاط في كلّ واقعة قابلة للاحتياط أو يرجع إلى الأصل كذلك ، ومن المعلوم أنّ إبطال الموجبة الكليّة لا يستلزم صدق السالبة الكليّة ، وحينئذ فلا يثبت من ذلك إلاّ وجوب العمل بالظنّ على خلاف الاحتياط والاصول في الجملة.

ثمّ إنّ العقل حاكم بأنّ الظنّ القويّ الاطمئنانيّ أقرب إلى العلم عند تعذّره ، وأنّه إذا لم يمكن القطع بإطاعة مراد الشارع وترك ما يكرهه وجب تحصيل ذلك بالظنّ الأقرب إلى العلم.

__________________

(١) في (ر) ، (ص) و (ه) زيادة : «إذا».

(٢) في النسخ : «أبطل».

۶۴۸۱