والحاصل : أنّ تعليل الأخذ بخلاف العامّة في هذه الروايات بكونه أقرب إلى الواقع ـ حتّى أنّه يجعل دليلا مستقلاّ عند فقد من يرجع إليه في البلد ـ ظاهر في وجوب الترجيح بكلّ ما هو من قبيل هذه الأمارة في كون مضمونه مظنّة الرشد ، فإذا انضمّ هذا الظهور إلى الظهور الذي ادّعيناه في روايات الترجيح بالأصدقيّة والأوثقيّة ، فالظاهر أنّه يحصل من المجموع دلالة لفظيّة تامّة.

ما دعا أصحابنا إلى العمل بكلّ ما يوجب رجحان أحد الخبرين

ولعلّ هذا الظهور المحصّل من مجموع الأخبار العلاجيّة هو الذي دعا أصحابنا إلى العمل بكلّ ما يوجب رجحان أحد الخبرين على الآخر ، بل يوجب في أحدهما مزيّة مفقودة في الآخر ولو بمجرّد كون خلاف الحقّ في أحدهما أبعد منه في الآخر ، كما هو كذلك في كثير من المرجّحات.

فما ظنّه بعض المتأخّرين من أصحابنا (١) على العلاّمة وغيره قدّست أسرارهم : من متابعتهم في ذلك (٢) طريقة العامّة ، ظنّ في غير المحلّ.

القول بوجوب الترجيح ودليله

ثمّ إنّ الاستفادة التي ذكرناها إن دخلت تحت الدلالة اللفظيّة ، فلا إشكال في الاعتماد عليها ، وإن لم يبلغ هذا الحدّ ـ بل لم يكن إلاّ مجرّد الإشعار ـ كان مؤيّدا لما ذكرناه من ظهور الاتّفاق ، فإن لم يبلغ المجموع حدّ الحجّية (٣) فلا أقلّ من كونها أمارة مفيدة للظنّ بالمدّعى ،

__________________

(١) انظر الحدائق ١ : ٩٠ ، وهداية الأبرار : ٦٨.

(٢) لم ترد «في ذلك» في (ظ) و (م).

(٣) في (ظ) و (م) : «الحجّة».

۶۴۸۱