نعم ، لو لم يظهر طريق مقرّر من الشارع لمعرفتها تعيّن الأخذ بالعلم بالواقع مع إمكانه ؛ إذ هو طريق إلى الواقع بحكم العقل من غير توقّف لإيصاله إلى الواقع على بيان الشرع ، بخلاف غيره من الطرق المقرّرة (١) ، انتهى كلامه رفع مقامه.

المناقشة فيما أفاده صاحب الهداية

أقول : ما ذكره في مقدّمات مطلبه : من عدم الفرق بين علم المكلّف بأداء الواقع على ما هو عليه (٢) وبين العلم بأدائه من الطريق المقرّر ، ممّا لا إشكال فيه.

نعم ، ما جزم به من أنّ المناط في تحصيل العلم أوّلا هو العلم بتفريغ الذمّة دون أداء الواقع على ما هو عليه ، فيه :

أنّ تفريغ الذمّة عمّا اشتغلت به إمّا بفعل نفس ما أراده الشارع في ضمن الأوامر الواقعيّة ، وإمّا بفعل ما حكم حكما جعليّا بأنّه نفس المراد وهو مضمون الطرق المجعولة ، فتفريغ الذمّة بهذا ـ على مذهب المخطّئة ـ من حيث إنّه نفس المراد الواقعيّ بجعل الشارع ، لا من حيث إنّه شيء مستقلّ في مقابل المراد الواقعيّ ، فضلا عن أن يكون هو المناط في لزوم تحصيل العلم واليقين.

والحاصل : أنّ مضمون الأوامر الواقعيّة المتعلّقة بأفعال المكلّفين مراد واقعيّ حقيقيّ ، ومضمون الأوامر الظاهريّة المتعلّقة بالعمل بالطرق المقرّرة ذلك المراد الواقعيّ ، لكن على سبيل الجعل لا الحقيقة ـ وقد اعترف (٣)

__________________

(١) هداية المسترشدين : ٣٨٤ ـ ٣٨٥.

(٢) لم ترد «عليه» في (ظ) ، (ل) و (م).

(٣) في (ت) زيادة : «به».

۶۴۸۱