الحذر عقيب إنذارهم ، فإطلاق الرواية منزّل على الغالب.

الآية الثالثة : آية «الكتمان»

ومن جملة الآيات التي استدلّ بها جماعة (١) ـ تبعا للشيخ في العدّة (٢) ـ على حجّيّة الخبر ، قوله تعالى :

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ(٣).

وجه الاستدلال بها

والتقريب فيه : نظير ما بيّناه في آية النفر : من أنّ حرمة الكتمان تستلزم وجوب القبول عند الإظهار.

المناقشة في الاستدلال

ويرد عليها (٤) : ما ذكرنا من الإيرادين الأوّلين في آية النفر ، من سكوتها وعدم التعرّض فيها لوجوب القبول وإن لم يحصل العلم عقيب الاظهار ، أو اختصاص وجوب القبول المستفاد منها بالأمر الذي يحرم كتمانه ويجب إظهاره ؛ فإنّ من أمر غيره بإظهار الحقّ للناس ليس مقصوده إلاّ عمل الناس بالحقّ ، ولا يريد بمثل هذا الخطاب تأسيس حجّيّة قول المظهر تعبّدا ووجوب العمل بقوله وإن لم يطابق الحقّ.

ويشهد لما ذكرنا : أنّ مورد الآية كتمان اليهود لعلامات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما بيّن الله لهم ذلك في التوراة (٥) ، ومعلوم أنّ آيات (٦) النبوّة

__________________

(١) منهم : المحقّق القمّي في القوانين ١ : ٤٣٨ ، وصاحب الفصول في الفصول : ٢٧٦.

(٢) انظر العدّة ١ : ١١٣.

(٣) البقرة : ١٥٩.

(٤) في نسخة بدل (ل) : «عليه».

(٥) انظر مجمع البيان ١ : ٢٤١.

(٦) لم ترد «آيات» في (ظ).

۶۴۸۱