وما تقدّم : من تبادر تفرّقهما عن رضا منهما ، فإنّ التفرّق وإن لم يعتبر كونه اختياريّاً من الطرفين ولا من أحدهما ، إلاّ أنّ المتبادر رضاهما بالبيع حين التفرّق ، فرضا أحدهما في المقام وهو الماكث لا دليل على كفايته في سقوط خيارهما ، ولا في سقوط خيار خصوص الراضي ؛ إذ الغاية غايةٌ للخيارين ، فإن تحقّقت سقطا وإلاّ ثبتا. ويدلّ عليه ما تقدّم من صحيحة الفضيل (١) المصرّحة بإناطة سقوط الخيار بالرضا منهما المنفيّ بانتفاء رضا أحدهما.
ولكن يمكن التفصّي عن الأصل بصدق تفرّقهما ، وتبادر تقيّده بكونه عن رضا كليهما ممنوعٌ ، بل المتيقّن اعتبار رضا أحدهما.
وظاهر الصحيحة وإن كان اعتبار ذلك ، إلاّ أنّه معارضٌ بإطلاق ما يستفاد من الرواية السابقة الحاكية لفعل الإمام عليهالسلام وأنّه قال : «فمشيت خُطىً ليجب البيع حين افترقنا» (٢) ، جَعَل مجرّد مشيه عليهالسلام سبباً لصدق الافتراق المجعول غايةً للخيار ، وجَعَل وجوب البيع علّةً غائيةً له من دون اعتبار رضا الآخر أو شعوره بمشي الإمام عليهالسلام. ودعوى : انصرافه إلى صورة شعور الآخر وتركه المصاحبة اختياراً ، ممنوعة.
وظاهر الصحيحة وإن كان أخصّ ، إلاّ أنّ ظهور الرواية في عدم مدخليّة شيءٍ آخر زائداً على مفارقة أحدهما صاحبه مؤيَّدٌ بالتزام مقتضاه في غير واحدٍ من المقامات ، مثل ما إذا مات أحدهما وفارق
__________________
(١) تقدّمت في الصفحة ٧١.
(٢) تقدّمت في الصفحة ٦٧.