تمام مضمونه وجب العمل به في بعضه ، فإذا قوّمه أحدهما بعشرةٍ فقد قوّم كلاّ من نصفه بخمسةٍ ، وإذا قوّمه الآخر (١) بثمانيةٍ فقد قوّم كلاّ من نصفه بأربعةٍ ، فيعمل بكلٍّ منهما في نصف المبيع. وقولهما (٢) وإن كانا متعارضين في النصف أيضاً كالكلّ ، فيلزم ممّا ذكر طرح كلا القولين في النصفين ، إلاّ أنّ طرح قول كلٍّ منهما في النصف مع العمل به في النصف الآخر أولى في مقام امتثال أدلّة العمل بكلّ بيّنةٍ من طرح كليهما أو إحداهما رأساً ، وهذا معنى قولهم : «إنّ الجمع بين الدليلين والعمل بكلٍّ منهما ولو من وجهٍ أولى من طرح أحدهما رأساً» ؛ ولذا جعل في تمهيد القواعد من فروع هذه القاعدة : الحكم بالتنصيف فيما لو تعارضت البيّنتان في دارٍ في يد رجلين يدّعيها كلٌّ منهما (٣).
بل ما نحن فيه أولى بمراعاة هذه القاعدة من الدليلين المتعارضين في أحكام الله تعالى ؛ لأنّ الأخذ بأحدهما كلّيةً وطرح (٤) الآخر كذلك في التكاليف الشرعيّة الإلهيّة لا ينقص عن التبعيض من حيث مراعاة حقّ الله سبحانه ؛ لرجوع الكلّ إلى امتثال أمر الله سبحانه ، بخلاف مقام التكليف بإحقاق حقوق الناس ، فإنّ في التبعيض جمعاً بين حقوق الناس ومراعاةً للجميع ولو في الجملة ؛ ولعلّ هذا هو السرّ في عدم تخيير الحاكم عند تعارض أسباب حقوق الناس في شيءٍ من موارد الفقه (٥).
__________________
(١) في «ق» : «الأُخرى».
(٢) في «ش» : «قولاهما».
(٣) تمهيد القواعد : ٢٨٤.
(٤) في «ش» : «ترك».
(٥) في «ش» ومصحّحة «ف» بدل «موارد الفقه» : «الموارد».