لإيجاد العلاقة اللغوية.
وعلى هذا الأساس نعرف أنّ من نتائج الوضع : انسباق المعنى الموضوع له وتبادره إلى الذهن بمجرّد سماع اللفظ بسبب تلك العلاقة التي يحقّقها الوضع. ومن هنا يمكن الاستدلال على الوضع بالتبادر ، وجعله علامةً على أنّ المعنى المتبادر هو المعنى الموضوع له ؛ لأنّ المعلول يكشف عن العلّة كشفاً إنّياً ، ولهذا عُدَّ التبادر من علامات الحقيقة.
ما هو الاستعمال؟
بعد أن يوضع اللفظ لمعنىً يصبح تصوّر اللفظ سبباً لتصوّر المعنى ، ويأتي عندئذٍ دور الاستفادة من هذه العلاقة اللغوية التي قامت بينهما ، فإذا كنت تريد أن تعبِّر عن ذلك لشخصٍ آخر وتجعله يتصوّره في ذهنه فبإمكانك أن تنطق بذلك اللفظ الذي أصبح سبباً لتصوّر المعنى ، وحين يسمعه صاحبك ينتقل ذهنه إلى معناه بحكم علاقة السببية بينهما ، ويسمّى استخدامك اللفظ بقصد إخطار معناه في ذهن السامع «استعمالاً». فاستعمال اللفظ في معناه يعني : إيجاد الشخص لفظاً لكي يعدَّ ذهن غيره للانتقال إلى معناه ، ويسمّى اللفظ «مستعمَلاً» ، والمعنى «مستعمَلاً فيه» ، وإرادة المستعمل إخطار المعنى في ذهن السامع عن طريق اللفظ «إرادة استعمالية».
ويحتاج كلّ استعمالٍ إلى تصوّر المستعمل للَّفظ وللمعنى ، غير أنّ تصوّره لِلَّفظ يكون عادةً على نحو اللحاظ الآليّ المرآتي ، وتصوّره للمعنى على نحو اللحاظ الاستقلالي ، فهما كالمرآة والصورة ، فكما تلحظ المرآة وأنت غافل عنها وكلّ نظرك إلى الصورة كذلك تلحظ اللفظ بنفس الطريقة بما هو مرآة للمعنى وأنت غافل عنه وكلّ نظرك إلى المعنى.
فإن قلت : كيف ألحظُ اللفظَ وأنا غافل عنه ، هل هذا إلاّتناقض؟