اقتِضاء الحرمة للبطلان
الحرمة حكم تكليفي ، والبطلان حكم وضعيّ قد توصف به العبادة ، وقد توصف به المعاملة ، ويراد ببطلان العبادة أنّها غير مُجزية ، ولابدّ من إعادتها أو قضائها. وببطلان المعاملة أنّها غير مؤثّرةٍ ولا يترتّب عليها مضمونها. وقد وقع الكلام في أنّ التحريم هل يستلزم البطلان ، أوْ لا؟
أمّا تحريم العبادة فيستلزم بطلانها ، وذلك :
أمّا أوّلاً فلأنّ تحريمها يعني عدم شمول الأمر لها ؛ لامتناع اجتماع الأمر والنهي ، ومع عدم شموله لها لا تكون مجزيةً ولا يسقط بها الأمر ، وهو معنى البطلان.
فإن قيل : إنّ الأمر غير شامل ، ولكن لعلّ ملاك الوجوب شامل لها ، وإذا كانت واجدةً للملاك ومستوفيةً له فيسقط الأمر بها.
قلنا : إنّه بعد عدم شمول الأمر لها لا دليل على شمول الملاك ؛ لأنّ الملاك إنّما يعرف من ناحية الأمر.
وهذا البيان كما يأتي في العبادة المحرّمة يأتي أيضاً في كلّ مصداقٍ لطبيعةٍ مأمورٍ بها ، سواء كان الأمر تعبّديّاً أو توصّليّاً.
وأمّا ثانياً فلأ نّنا نفترض ـ مثلاً ـ أنّ الملاك موجود في تلك العبادة المحرّمة ، ولكنّها ما دامت محرّمةً ومبغوضةً للمولى فلا يمكن التقرّب بها نحوه ، ومعه لا تقع عبادةً لتصحّ وتجزي عن الأمر ، وهذا البيان يختصّ بالعبادات ولا يجري في غيرها.
وأمّا تحريم المعاملة فتارةً يراد به تحريم السبب المعامليّ الذي يمارسه المتعاملان ، وهو الإيجاب والقبول مثلاً. واخرى يراد به تحريم المسبّب ، أي التمليك الحاصل نتيجةً لذلك.