ولكن ذهب المحقّق النائينيّ رحمهالله (١) إلى عدم جريان الاستصحاب ، إذ ليس في الحكم الشرعيّ إلاّالجعل والمجعول ، والجعل لا شكّ في بقائه فالركن الثانيّ مختلّ ، والمجعول لا يقين بحدوثه فالركن الأوّل مختلّ. وأمّا القضيّة الشرطيّة فليس لها وجود في عالم التشريع بما هي قضيّة شرطيّة وراء الجعل والمجعول ليجري استصحابها.
٢ ـ استصحاب التدريجيّات :
الأشياء : إمّا قارّة توجد وتبقى ، وإمّا تدريجيّة كالحركة توجد وتفنى باستمرار.
فبالنسبة إلى القسم الأوّل لا إشكال في جريان الاستصحاب.
وأمّا بالنسبة إلى القسم الثاني فقد يقال بعدم اجتماع الركن الأوّل والثاني معاً ؛ لأنّ الأمر التدريجيّ سلسلة حدوثات ، فإذا علم بأنّ شخصاً يمشي وشكّ في بقاء مشيه لم يكن بالإمكان استصحاب المشي لترتيب ماله من الأثر ؛ لأنّ الحصّة الاولى منه معلومة الحدوث ولكنّها لا شكّ في تصرّمها ، والحصّة الثانيّة مشكوكة ولا يقين بها ، فلم تتمّ أركان الاستصحاب في شيء.
ومن هنا يستشكل في إجراء الاستصحاب في الزمان ، كاستصحاب النهار ونحو ذلك ؛ لأنّه من الامور التدريجيّة.
والجواب على هذا الإشكال : أنّ الأمر التدريجيّ على الرغم من تدرّجه في الوجود وتصرّمه قطعةً بعد قطعةٍ له وحدة ويعتبر شيئاً واحداً مستمرّاً على نحوٍ يصدق على القطعة الثانية عنوان البقاء ، فتتمّ أركان الاستصحاب حينما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤١٢ ـ ٤١٣