٤ ـ عموم جريان الاستصحاب
بعد أن تمّت دلالة النصوص على جريان الاستصحاب نتمسّك بإطلاقها لإثبات جريانه في كلّ الحالات التي تتمّ فيها أركانه ، وهذا معنى عموم جريانه ، ولكن هناك أقوال تتّجه إلى التفصيل في جريانه بين بعض الموارد وبعض ، بدعوى قصور إطلاق الدليل عن الشمول لجميع الموارد.
ونقتصر على ذكر أهمّها وهو : ما ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ والمحقّق النائيني ـ رحمهما الله ـ (١) من جريان الاستصحاب في موارد الشكّ في الرافع وعدم جريانه في موارد الشكّ في المقتضي.
وتوضيح مدّعاهما : أنّ المتيقّن الذي يشكّ في بقائه : تارةً يكون شيئاً قابلاً للبقاء والاستمرار بطبعه ، وإنّما يرتفع برافع ، والشكّ في بقائه ينشأ من احتمال طروّ الرافع ، ففي مثل ذلك يجري استصحابه ، ومثاله : الطهارة التي تستمرّ بطبعها متى ما حدثت ما لم ينقضها حدث.
واخرى يكون المتيقّن الذي يشكّ في بقائه محدود القابليّة للبقاء في نفسه ، كالشمعة التي تنتهي لا محالة بمرور زمنٍ حتّى لو لم يهبّ عليها الريح ، فإذا شكّ في بقاء نورها لاحتمال انتهاء قابليّته لم يجرِ الاستصحاب ، ويسمّى ذلك بمورد الشكّ في المقتضي.
وبالنظرة الاولى يبدو أنّ هذا التفصيل على خلاف إطلاق دليل الاستصحاب ؛ لشمول إطلاقه لموارد الشكّ في المقتضي ، فلابدّ للقائلين بعدم
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٥١ ، وأجود التقريرات ٢ : ٣٧٨