التطابق بين الدلالات

تقدّم (١) أنّ الكلام له ثلاث دلالات ، وهي : الدلالة التصورية ، والدلالة التصديقية الاولى ، والدلالة التصديقية الثانية.

وتقدّم (٢) أنّ الظاهر من كلّ لفظٍ في مرحلة الدلالة التصورية هو المعنى الموضوع له اللفظ.

ونريد هنا الإشارة إلى ظهور كلِّ لفظٍ في مرحلة الدلالة التصديقية الاولى في أنّ المتكلّم يقصد باللفظ تفهيم نفس المعنى الظاهر من الدلالة التصورية ، لا معنىً آخر ، فإذا قال المتكلّم : «أسد» وشككنا في أنّ المتكلّم هل قصد أن يخطر في ذهننا المعنى الحقيقيّ وهو الحيوان المفترس ، أو المعنى المجازيّ وهو الرجل الشجاع؟ كان ظاهر حاله أنّه يقصد إخطار المعنى الحقيقي ، ومردّ ذلك في الحقيقة إلى ظهور حال المتكلّم في التطابق بين الدلالة التصورية والدلالة التصديقية الاولى ، فما دام الظاهر من الاولى هو المعنى الحقيقيّ فالمقصود في الثانية هو أيضاً ، وهذا الظهور حجّة على ما يأتي في قاعدة حجّية الظهور ، ويطلق على حجّيته اسم «أصالة الحقيقة».

ولنأخذ الآن الدلالة التصديقية الثانية بعد افتراض تعيين الدلالتين السابقتين عليها لنجد فيها نفس الشيء ، فإنّ الظاهر من الكلام في مرحلة الدلالة التصديقية الثانية ، أنّ المراد الجدّيّ متطابق مع ما قصد إخطاره في الذهن في مرحلة الدلالة التصديقية الاولى ، فإذا قال المتكلّم : «أكرم كلّ جيراني» وعرفنا أنّه يريد أن يخطر في ذهننا صورة العموم ، ولكن شككنا في أنّ مراده الجدّيّ هل هو أن نكرم جيرانه

__________________

(١) تقدم تحت عنوان : الظهور التصوري والظهور التصديقي

(٢) تقدم تحت عنوان : الوضع وعلاقته بالدلالات المتقدمة

۴۷۲۱