تحديد مفادِ البراءة :
بعد أن ثبت أنّ الوظيفة العمليّة الثانويّة هي أصالة البراءة نتكلّم عن تحديد مفاد هذا الأصل وحدوده ، وذلك في عدّة نقاط.
البراءة مشروطة بالفحص :
النقطة الاولى : في أنّ هذا الأصل مشروط بالفحص واليأس عن الظفر بدليل ، فلا يجوز إجراء البراءة لمجرّد الشكّ في التكليف وبدون فحصٍ في مظانّ وجوده من الأدلّة.
وقد يتراءى في بادئ الأمر أنّ في أدلّة البراءة الشرعيّة إطلاقاً حتّى لحالة ما قبل الفحص ، كما في «رفع مالا يعلمون» فإنّ عدم العلم صادق قبل الفحص أيضاً ، ولكنّ هذا الإطلاق يجب رفع اليد عنه ؛ وذلك للُامور التالية :
أوّلاً : أنّ بعض أدلّة البراءة تثبت المسؤوليّة والإدانة في حالة وجود بيانٍ على التكليف في معرض الوصول على نحو لو فحص عنه المكلّف لوصل إليه ، فمثلاً : الآية الثانية إذا تمّت دلالتها على البراءة فهي تدلّ في نفس الوقت على أنّ البراءة مغيّاة ببعث الرسول ، وبعد حمل الرسول على المثال يثبت أنّ الغاية هي توفير البيان على نحوٍ يُتاح للمكلّف الوصول إليه ، كما هو شأن الناس مع الرسول ، وعليه فيثبت بمفهوم الغاية أنّه متى توفّر البيان على هذا النحو فاستحقاق العذاب ثابت.
ومن الواضح أنّ الشاكّ قبل الفحص يحتمل تحقّق الغاية وتوفّر البيان ، فلابدّ من الفحص ، وكذلك أيضاً الآية الرابعة ، فإنّ البيان لهم جُعل غايةً للبراءة ، وهو يصدق مع توفير بيانٍ في معرض الوصول.
وثانياً : أنّ للمكلّف علماً إجماليّاً بوجود تكاليف في الشبهات الحكميّة ، كما