المدلول اللغويِّ الأقرب للكلمة والمعنى الظاهر لها بموجب النظام اللغويّ العامّ ، مع أنّ المهمّ عند تفسير الدليل اللفظيّ هو اكتشاف ماذا أراد المتكلِّم باللفظ من معنى ، لا ما هو المعنى الأقرب إليه في اللغة ، فإنَّا ندرك في ضوء أصالة الظهور أنّ الصلة وثيقة جدّاً بين اكتشاف مراد المتكلِّم وتحديد المدلول اللغويّ الأقرب للكلمة ؛ لأنّ أصالة الظهور تحكم بأنّ مراد المتكلِّم من اللفظ هو نفس المدلول اللغويّ الأقرب ، أي المعنى الظاهر من اللفظ لغةً ، فلكي نعرف مراد المتكلِّم يجب أن نعرف المعنى الأقرب إلى اللفظ لغةً لنحكم بأ نّه هو المعنى المراد للمتكلِّم.
والدليل على حجّية الظهور يتكوّن من مقدِّمتين :
الاولى : أنّ الصحابة وأصحاب الأئمة عليهمالسلام كانت سيرتهم قائمةً على العمل بظواهر الكتاب والسنّة واتّخاذ الظهور أساساً لفهمهما ، كما هو واضح تأريخيّاً من عملهم وديدنهم.
الثانية : أنّ هذه السيرة على مرأىً ومسمعٍ من المعصومين عليهمالسلام ولم يعترضوا عليها بشيء ، وهذا يدلّ على صحّتها شرعاً ، وإلاّ لردعوا عنها ، وبذلك يثبت إمضاء الشارع للسيرة القائمة على العمل بالظهور ، وهو معنى حجّية الظهور شرعاً.
تطبيقات حجّية الظهور على الأدلّة اللفظية :
ونستعرض في ما يلي ثلاث حالاتٍ لتطبيق قاعدة حجّية الظهور :
الاولى : أن يكون لِلَّفظ في الدليل معنىً وحيد في اللغة ولا يصلح للدلالة على معنىً آخر في النظام اللغويِّ والعرفيِّ العامّ.
والقاعدة العامّة تحتِّم في هذه الحالة أن يُحمَل اللفظ على معناه الوحيد ويقال : «إنّ المتكلِّم أراد ذلك المعنى» ؛ لأنّ المتكلِّم يريد باللفظ دائماً المعنى المحدَّد له في النظام اللغويِّ العامّ ، ويعتبر الدليل في مثل هذه الحالة صريحاً في معناه ونصّاً.