القاعدة العمليّة الأوّليّة في حالة الشكّ
كلّما شكّ المكلّف في تكليفٍ شرعيٍّ ولم يتيسّر له إثباته أو نفيه فلابدّ له من تحديد موقفه العمليّ تجاه هذاالحكم المشكوك. ويوجد مسلكان في تحديد هذاالموقف :
الأوّل : مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وهو المسلك المشهور القائل بأنّ التكليف مادام لم يتمّ عليه البيان فيقبح من المولى أن يعاقب على مخالفته.
وهذا المسلك يعني بحسب التحليل ـ كما عرفنا في بحثٍ سابقٍ (١) ـ أنّ حقّ الطاعة للمولى مختصّ بالتكاليف المعلومة ولا يشمل المشكوكة.
الثاني : مسلك حقّ الطاعة الذي تقدّم شرحه ، وهو مبنيّ على الإيمان بأنّ حقّ الطاعة للمولى يشمل كلّ تكليفٍ غير معلوم العدم مالم يأذن المولى نفسه في عدم التحفّظ من ناحيته.
فبناءً على المسلك الأوّل تكون القاعدة العمليّة الأوّلية هي البراءة بحكم العقل ، وبناءً على المسلك الثاني تكون القاعدة المذكورة هي أصالة شغل الذمّة بحكم العقل مالم يثبت إذن من الشارع في عدم التحفّظ.
[الاستدلال على قبح العقاب بلا بيان] :
ويظهر من كلام المحقّق النائينيّ رحمهالله (٢) : أنّه حاول الاستدلال على قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ والبرهنة عليها ، ويمكن تلخيص استدلاله في وجهين :
__________________
(١) مضى في بحث المنهج على مسلك قبح العقاب بلا بيان
(٢) فوائد الاصول ٣ : ٢١٥