لدينا الدليل الذي يثبت الحجية شرعاً أو ينفيها. وعندئذٍ يجب أن نرجع إلى قاعدةٍ عامّةٍ يقرِّرها الاصوليّون بهذا الصدد ، وهي القاعدة القائلة : «إنّ كلّ دليلٍ ناقصٍ ليس حجّةً ما لم يثبت بالدليل الشرعيّ العكس» ، وهذا هو معنى ما يقال في علم الاصول من : أنّ «الأصل في الظن هو عدم الحجّية ، إلاّما خرج بدليلٍ قطعي».
ونستخلص من ذلك : أنّ الدليل الجدير بالاعتماد عليه فقهيّاً هو الدليل القطعي ، أو الدليل الناقص الذي ثبتت حجّيته شرعاً بدليلٍ قطعي.
تقسيم البحث :
والدليل المحرز في المسألة الفقهية سواء كان قطعيّاً أوْ لا ينقسم إلى قسمين :
الأوّل : الدليل الشرعي ، ونعني به كلّ ما يصدر من الشارع ممّا له دلالة على الحكم الشرعي ، ويشتمل ذلك على الكتاب الكريم ، وعلى السنّة ، وهي : قول المعصوم وفعله وتقريره.
الثاني : الدليل العقلي ، ونعني به القضايا التي يدركها العقل ويمكن أن يستنبط منها حكم شرعي ، كالقضية العقلية القائلة بأنّ «إيجاب شيءٍ يستلزم إيجاب مقدّمته».
والقسم الأوّل ينقسم بدوره إلى نوعين :
أحدهما : الدليل الشرعيّ اللفظي ، وهو كلام الشارع كتاباً وسنّة.
والآخر : الدليل الشرعيّ غير اللفظي ، كفعل المعصوم وتقريره ، أي سكوته عن فعل غيره بنحوٍ يدلّ على قبوله.
وفي القسم الأوّل بكلا نوعيه نحتاج إلى أن نعرف :
أوّلاً : دلالة الدليل الشرعي ، وأ نّه على ماذا يدلّ بظهوره العرفي.
وثانياً : حجّية تلك الدلالة وذلك الظهور ووجوب التعويل عليه.