وقد تشتمل الجملة الواحدة على نسبٍ اندماجيةٍ وغير اندماجية ، كما في قولنا : «المفيد العالم مدرِّس» فإنّ النسبة بين الوصف والموصوف المبتدأ اندماجية ، والنسبة بين المبتدأ والخبر غير اندماجية ، وتمامية الجملة نشأت من اشتمالها على النسبة الثانية.

ونحن إذا دقّقنا في الجملة الناقصة وفي الحروف من قبيل «من» و «إلى» نجد أنّها جميعاً تدلّ على نسبٍ ناقصةٍ لا يصحّ السكوت عليها ، فكما لا يجوز أن تقول : «المفيد العالم» وتسكت ، كذلك لا يجوز أن تقول : «السير من البصرة» وتسكت ، وهذا يعني أنّ مفردات الحروف وهيئات الجمل الناقصة كلّها تدلّ على نسبٍ اندماجية ، خلافاً لهيئة الجملة التامّة فإنّ مدلولها نسبة غير اندماجية ، سواء كانت جملةً فعليةً أو اسمية.

المدلول اللغويّ والمدلول التصديقي :

قلنا سابقاً (١) : إنّ دلالة اللفظ على المعنى هي أن يؤدّي تصوّر اللفظ إلى تصور المعنى ، ويسمّى اللفظ «دالاًّ» والمعنى الذي نتصوّره عند سماع اللفظ «مدلولاً».

وهذه الدلالة لغوية ، ونقصد بذلك : أنّها تنشأ عن طريق وضع اللفظ للمعنى ؛ لأنّ الوضع يوجد علاقة السببية بين تصوّر اللفظ وتصوّر المعنى ، وعلى أساس هذه العلاقة تنشأ تلك الدلالة اللغوية ، ومدلولها هو المعنى اللغويّ لِلَّفظ.

ولا تنفكّ هذه الدلالة عن اللفظ مهما سمعناه ومن أيِّ مصدر كان ، فجملة «الحقّ منتصر» إذا سمعناها انتقل ذهننا فوراً إلى مدلولها اللغوي ، سواء سمعناها من

__________________

(١) في بحث الدلالة ، تحت عنوان : ما هو الوضع والعلاقة اللغويّة؟

۴۷۲۱