الأهمّ على الأقلّ أهمّيّةً ، كما تقدّم في مباحث الدليل العقليّ (١).
ويتلخّص من ذلك كلّه أنّ التعارض بين الدليلين هو التنافي بين مدلولي هذين الدليلين الحاصل من أجل التضادّ بين الجعلين المفادَين بهما.
وهذا التنافي على قسمين ؛ لأنّه تارةً يكون ذاتيّاً كما في «صلِّ» و «لا تصلِّ». واخرى يكون عرضيّاً حصل بسبب العلم الإجماليّ من الخارج بأنّ المدلولين غير ثابتين معاً ، كما في «صلِّ الجمعة» و «صلِّ الظهر» ، حيث إنّنا نعلم بعدم وجوب الصلاتين معاً ، فإنّه لولا هذا العلم لأمكن ثبوت المفادَين معاً ، وأمّا مع هذا العلم فلا يمكن ثبوتهما معاً ، بل يكون كلّ من الدليلين مكذّباً للآخر ونافياً له بالدلالة الالتزاميّة ، ولا فرق بين هذين القسمين في الأحكام التالية :
الحكم الأوّل : قاعدة الجمع العُرفي :
والحكم الأوّل من أحكام تعارض الأدلّة اللفظيّة ما تقرّره قاعدة الجمع العرفيّ ، وحاصلها : أنّ التعارض إذا لم يكن مستقرّاً في نظر العرف ، بل كان أحد الدليلين قرينةً على تفسير مقصود الشارع من الدليل الآخر وجب الجمع بينهما بتأويل الدليل الآخر وفقاً للقرينة.
ونقصد بالقرينة : الكلام المعدّ من قبل المتكلّم لأجل تفسير الكلام الآخر.
والوجه في هذه القاعدة واضح ، فإنّ المتكلّم إذا صدر منه كلامان وكان الظاهر من أحدهما ينافي الظاهر من الآخر ، ولكنّ أحد الكلامين كان قد اعدّ من قبل المتكلّم لتفسير مقصوده من الكلام المقابل له ، فلابدّ أن يقدّم ظاهر ما أعدّه المتكلّم كذلك على الآخر ؛ لأنّنا يجب أن نفهم مقصود المتكلّم من مجموع كلاميه
__________________
(١) مضى في بحث : اشتراط التكليف بالقدرة بمعنى آخر