الثانية : أن تستعمل لفظة «الماء» في معناها المشترك بين ماء الفرات وغيره وتأتي بلفظٍ آخر يدلّ على خصوصية الفرات بأن تقول : «ائتني بماء الفرات» ، فالحصّة الخاصّة قد افيدت بمجموع كلمتي «ماء» و «الفرات» ، لا بكلمة «ماء» فقط ، وكلّ من الكلمتين قد استعملت في معناها الموضوعة له فلا تجوز ، ونطلق على إرادة الخاصِّ بهذا النحو «طريقة تعدّد الدالِّ والمدلول» ، فطريقة تعدّد الدالِّ والمدلول نعني بها : إفادة مجموعة من المعاني بمجموعةٍ من الدوال وبإزاء كلِّ دالٍّ واحد من تلك المعاني.
الاشتراك والترادف :
لا شكّ في إمكان الاشتراك (وهو وجود معنيين لِلَفظٍ واحد) والترادف (وهو وجود لفظين لمعنىً واحدٍ) بناءً على غير مسلك التعهّد في تفسير الوضع ، ومجرّد كون الاشتراك مؤدّياً إلى الإجمال وتردّد السامع في المعنى المقصود لا يوجب فقدان الوضع المتعدّد لحكمته ؛ لأنّ حكمته إنّما هي إيجاد ما يصلح للتفهيم في مقام الاستعمال ولو بضمّ القرينة.
وأمّا على مسلك التعهّد فلا يخلو تصوير الاشتراك والترادف من إشكال ؛ لأنّ التعهّد إذا كان بمعنى (الالتزام بعدم الإتيان باللفظ إلاّإذا قصد تفهيم المعنى الذي يضع له اللفظ) امتنع الاشتراك المتضمّن لتعهّدين من هذا القبيل بالنسبة إلى لفظٍ واحد ، إذ يلزم أن يكون عند الإتيان باللفظ قاصداً لكلا المعنيين وفاءً بكلا التعهّدين ، وهو غير مقصودٍ من المتعهّد جزماً.
وإذا كان التعهّد بمعنى (الالتزام بالإتيان باللفظ عند قصد تفهيم المعنى) امتنع الترادف المتضمّن لتعهّدين من هذا القبيل بالنسبة إلى معنىً واحد ، إذ يلزم أن يأتي بكلا اللفظين عند قصد تفهيم المعنى ، وهو غير مقصودٍ من المتعهّد جزماً.