وأمّا الحيثيّة التي طُعِّم بها مدلول اسم الجنس في الحالة الاولى فأصبح معرفةً فهي التعيين ، فاللام تُعيِّن مدلول مدخولها وتطبِّقه على صورةٍ مألوفةٍ : إمّا بحضورها فعلاً كما في العهد الحضوريّ ، وإمّا بذكرها سابقاً كما في العهد الذكريّ ، وإمّا باستئناسٍ ذهنيٍّ خاصٍّ بها كما في العهد الذهنيّ ، وإمّا باستئناسٍ ذهنيٍّ عامٍّ بها كما في لام الجنس ، فإنّ في الذهن لكلّ جنسٍ انطباعات معيّنة تشكِّل لوناً من الاستئناس العامِّ الذهنيِّ بمفهوم ذلك الجنس ، فإن قيل : «نار» دلّت الكلمة على ذات المفهوم. وإن قيل : «النار» واريد باللام لام الجنس أفاد ذلك تطبيق هذا المفهوم على حصيلة تلك الانطباعات ، وبذلك يصبح معرفة.
واسم الجنس في حالة كونه معرفةً ، وكذلك في الحالة الثالثة التي يخلو فيها من التعريف والتنكير معاً يصلح للإطلاق الشموليّ ، ولهذا إذا قلت : «أكرم العالم» جرت قرينة الحكمة لإثبات الإطلاق الشموليّ في كلمة «العالم».
الانصراف :
قد يتكوّن نتيجةً لملابساتٍ انسٌ ذهنيّ خاصّ بحصّةٍ معيّنةٍ من حصص المعنى الموضوع له اللفظ ، وهذا الانس على نحوين :
أحدهما : أن يكون نتيجةً لتواجد تلك الحصّة في حياة الناس وغلبة وجودها على سائر الحصص.
والآخر : أن يكون نتيجةً لكثرة استعمال اللفظ وإرادة تلك الحصّة على طريقة تعدّد الدالّ والمدلول.
أمّا النحو الأوّل فلا يؤثّر على إطلاق اللفظ شيئاً ؛ لأنّه انس ذهنيّ بالحصّة مباشرةً دون أن يؤثّر في مناسبة اللفظ لها ، أو يزيد في علاقته بما هو لفظ بتلك الحصّة خاصّة.