زمان الوجوبِ والواجب

لكلٍّ من الوجوب ـ أي الحكم المجعول ـ والواجب زمان ، والزمانان متطابقان عادةً ، فوجوب صلاة الفجر ـ مثلاً ـ زمانه الفترة الممتدّة بين الطلوعين ، وهذه الفترة هي بنفسها زمان الواجب ، ويستحيل أن يكون زمان الوجوب بكامله متقدّماً على زمان الواجب ؛ لأنّ هذا معناه أنّه في هذا الظرف الذي يترقّب فيه صدور الواجب لا وجوب ، فلا محرّك للمكلّف إلى الإتيان بالواجب ، وهذا واضح. ولكن وقع البحث في أنّه هل بالإمكان أن تتقدّم بداية زمان الوجوب على زمان الواجب مع استمراره وامتداده وتعاصره بقاءً مع الواجب؟

ومثال ذلك : الوقوف بعرفات فإنّه واجب على المستطيع ، وزمان الواجب هو يوم عرفة من الظهر إلى الغروب ، وأمّا زمان الوجوب فيبدأ من حين حدوث الاستطاعة لدى المكلّف التي قد تسبق يوم عرفة بفترةٍ طويلة ، ويستمرّ الوجوب من ذلك الحين إلى يوم عرفة الذي هو زمان الواجب.

وقد ذهب جماعة من الاصوليّين (١) إلى أنّ هذا معقول ، وسَمّوا كلّ واجبٍ تتقدّم بداية زمان وجوبه على زمان الواجب بالواجب المعلّق ، وحاولوا عن هذا الطريق أن يفسّروا ما سبق من مسؤوليّة المكلّف تجاه المقدّمات المفوّتة ؛ وذلك لأنّ الإشكال في هذه المسؤوليّة كان يبتني على افتراض أنّ الوجوب لا يحدث إلاّفي ظرف إيقاع الواجب ، فإذا افترضنا أنّ الوجوب غير مشروطٍ بزمان الواجب ، بل يحدث قبله ويصبح فعليّاً بالاستطاعة فمن الطبيعيّ أن يكون المكلّف مسؤولاً عن

__________________

(١) منهم صاحب الفصول في الفصول الغروية : ٧٩ والمحقّق الخراساني في كفايةالاصول : ١٢٨

۴۷۲۱