بناؤه عموماً كلّما تكلّم بكلامين من هذا القبيل أن يجعل من أحدهما المعيَّن قرينةً على الآخر ، وحيث إنّ الأصل في كلّ متكلّم أنّه يجري وفق المواصفات العرفيّة العامّة للمحاورة فيكون ظاهر حاله هو ذلك.
ومن حالات الإعداد العرفيّ النوعيّ : إعداد الكلام الأخصّ موضوعاً ليكون قرينةً ومحدّداً لمفاد الكلام الأعمّ موضوعاً ، ومن هنا تعيّن تخصيص العامّ بالخاص ، وتقييد المطلق بالمقيّد ، بل تقديم كلّ ظاهرٍ على ما هو أقلّ منه ظهوراً بدرجةٍ ملحوظةٍ وواضحةٍ عرفاً ؛ لوجود بناءاتٍ عرفيّةٍ عامّةٍ على أنّ المتكلّم يُعوِّل على الأخصّ والأظهر في تفسير العامّ والظاهر.
وتسمّى جميع حالات القرينيّة بموارد الجمع العرفيّ ، ويسمّى التعارض في موارده بالتعارض غير المستقرّ ؛ لأنّه يحلّ بالجمع العرفيّ تمييزاً له عن التعارض المستقرّ ، وهو التعارض الذي لا يتيسّر فيه الجمع العرفيّ.
الحكم الثاني : قاعدة تساقط المتعارضَين :
وإذا لم يكن أحد الدليلين قرينةً بالنسبة إلى الدليل الآخر فالتعارض مستقرّ في نظر العرف ، وحينئذٍ نتكلّم عن القاعدة بلحاظ دليل الحجّيّة ، بمعنى أنّنا إذا لم يوجد أمامنا سوى دليل الحجّيّة العامِّ الذي ينتسب إليه المتعارضان فما هو مقتضى هذا الدليل بالنسبة إلى هذه الحالة؟
وقبل أن نشخِّص ما هو مقتضى دليل الحجّيّة نستعرض الممكنات ثبوتاً ، ثمّ نعرض دليل الحجّيّة على هذه الممكنات لنرى وفاءه بأيّ واحدٍ منها.
ولاستعراض الممكنات ثبوتاً نذكر عدداً من الفروض ؛ لنميِّز بين ما هو ممكن منها وما هو مستحيل ثبوتاً وواقعاً :
الافتراض الأوّل : أن يكون الشارع قد جعل الحجّيّة لكلٍّ من الدليلين